للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَخْبَرَهُ فَعَجَلَ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَعَانَقَهُ ثُمَّ قَالَ: " مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا أَيُّوبَ؟ " فَقَالَ: " حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرِي وَغَيْرُ عُقْبَةُ، فَابْعَثْ مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى مَنْزِلِهِ "، قَالَ: " فَبَعَثَ مَعَهُ مَنْ يَدُلُّهُ عَلَى مَنْزِلِ عُقْبَةَ، فَعَجَّلَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَعَانَقَهُ، وَقَالَ: " مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا أَيُّوبُ " فَقَالَ: " حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ سَمِعَهُ غَيْرِي وَغَيْرُكَ فِي سَتْرِ الْمُؤْمِنِ قَالَ عُقْبَةُ: " نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ سَتَرَ مُؤْمِنًا فِي الدُّنْيَا عَلَى خِزْيَةٍ (١) سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوبَ: " صَدَقْتَ"، ثُمَّ انْصَرَفَ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَرَكِبَهَا رَاجِعًا إِلَى المَدِينَةِ، فَمَا أَدْرَكَتْهُ جَائِزَةُ مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ إِلاَّ بِعَرِيشِ مِصْرَ" (٢).

لقد خشي أبو أيوب أن يكون نسي شيئًا من حديث «سَتْرِ المُؤْمِنِ»، فأحب أن يتأكد من ذلك، ويتثبت من صحة ما يحفظه عن الرسول الكريم، فرحل من الحجاز إلى مصر، يقطع الفيافي والقفار في سبيل ذلك!!.

وَعَنِ ابْنِ عَقِيلٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ بَلَغَهُ حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:" فَابْتَعْتُ بَعِيرًا فَشَدَدْتُ إِلَيْهِ رَحْلِي شَهْرًا، حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَبَعَثْتُ إِلَيْهِ أَنَّ جَابِرًا بِالبَابِ، فَرَجَعَ الرَّسُولُ فَقَالَ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَخَرَجَ فَاعْتَنَقَنِي، قُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي لَمْ أَسْمَعْهُ، خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ أَوْ تَمُوتَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ


(١) الخِزْيَةُ: هو الشيء الذي يستحيا منه. وانظر " لسان العرب ": ص ٢٤٧ جـ ١٨.
(٢) " معرفة علوم الحديث ": ص ٨، و" جامع بيان العلم وفضله ": ص ٩٣، ٩٤ جـ ١. وذكره زهير بن حرب في كتابه " العلم " عن رجل ولم يذكر أبا أيوب الأنصاري، انظر: ص ١٨٧: ب. كما ذكر الخطيب مثله في " الجامع لأخلاق الراوي ": ص ١٦٨: ب - ١٦٩: آ.