للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحَرَّفَ الشِّيعَةُ حَدِيثَ: «اللَّهُمَّ أَرْكِسْهُمَا فِي الفِتْنَة رَكْسًا، اللَّهُمَّ دُعَّهُمَا إِلَى النَّارِ دَعًّا» (١) في أنه قيل في معاوية وعمرو بن العاص حين كانا يتغنيان، والواقع أنهما لم يفعلا شيئًا من هذا، إنما قيل هذا في معاوية بن رافع وعمرو بن رفاعة بن التابوت، فَحَرَّفَ الرَّوِاي الأَسْمَاءَ.

ووضع بعض المغرضين من أتباع حزب معاوية « ... ثمَّ قَالَ النَّبِي: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنَّ فِي جَهَنَّمَ كِلاَبًا زُرْقَ الأَعْيُنِ، عَلَى أَعْرَافِهَا شَعْرٌ كَأَمْثَالِ أَذْنَابِ الخَيْلِ، لَوْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِكُلٍّ مِنْهَا أَنْ تَبْلَعَ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ فِي لُقْمَةٍ وَاحِدَةٍ لَهَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، تُسَلَّطُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ لَعَنَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ» (٢).

وأمثال هذه الأحاديث كثيرة، كلها من صنيعة الأحزاب المتناوئة، التي حاولت أن تدعم بها موقفها، وترفع من قدر أصحابها وزعمائها، وكان بوسع هؤلاء الابتعاد عن الكذب على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكتفين بما للصحابة من فضائل ثابتة، ولكن الهوى ساق بعضهم إلى ذلك والجهل أعمى قلوب بعضهم.

وقد رأي بعض ذوي النيات الحسنة ما كان من هذه الأحزاب، وما دار بينهم من طعون مختلفة تناولت الصحابة، وانتقصتهم وكادت تقضي على فضائلهم، فدفعهم حبهم للصحابة جَمِيعًا إلى وضع أحاديث تذكر فضلهم، وترفع من شأنهم، وتبين أنه لا فرق بين الخلفاء الأربعة، وقد ظن هؤلاء - بحسن نيتهم - أنهم يفعلون خيرًا، لأنهم يمنعون بوضع هذه الأحاديث اللعن الذي


(١) " تنزيه الشريعة المرفوعة ": ص ١٦ جـ ٢. و" الفوائد المجموعة ": ص ٤٠٧.
(٢) " تنزيه الشريعة المرفوعة ": ص ٢٣ جـ ٢.