للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحديث «الهَرِيسَةُ تَشُدُّ الظَهْرَ» (١) - كلها وأمثالها من وضع الوضاعين الذين افتروا على رسول الله الكذب، ووضعوا ما يخالف الشريعة وما ينافي رسالة الأنبياء الذين جاءوا يخاطبون أولي الألباب ويأمرون بالمعقول، ولم تكن رسائلهم لتفضيل طعام على طعام، وإثارة الشهوات، ورواية الأساطير، والخرافات، والإتيان بما يرده الحق ويرفضه العقل. وفي هذا كلمة لابن الجوزي قال: «مَا أَحْسَنَ قَوْلَ القَائِلِ: إِذَا رَأَيْتَ الحَدِيثَ يُبَايِنُ المَعْقُولَ أَوْ يُخَالِفُ المَنْقُولَ أَوْ يُنَاقِضُ الأُصُولَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ» (٢).

٣ - ما يناقض نص الكتاب أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي (٣)، وما يناقض السنة مناقضة بَيِّنَةً:

قال ابن قيم الجوزية: «وَمِنْهَا (٤) مُخَالَفَةُ الحَدِيثِ صَرِيحَ الْقُرْآنِ كَحَدِيثِ " مِقْدَارِ الدُّنْيَا وَأَنَّهَا سَبْعَةُ آلافِ سَنَةٍ " وَيَجِيءُ فِي الأَلْفِ السَّابِعَةِ» (٥). وهذا من أبين الكذب، لأنه لو كان صحيحًا لكان كل أحد عالمًا أنه قد بقي للقيامة من وقتنا هذا (٦) مائتان وخمسون سَنَةً. والله تعالى يقول: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي، لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ. ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً. يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} (٧) وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ


(١) " المنار ": ص ٢٥.
(٢) " تدريب الراوي ": ص ١٨٠.
(٣) انظر " توضيح الأفكار ": ص ٩٦ جـ ٢.
(٤) أي الأمور التي يعرف بها كون الحديث موضوعًا.
(٥) لعله يريد أنه يجيء نهاية عمر الدنيا في الألف السابعة.
(٦) عاش ابن قيم الجوزية من سَنَةِ (٦٩١ إلى سَنَةِ ٧٥٢ هـ).
(٧) [سورة الأعراف، الآية: ١٨٧].