بأن يخترع أصحاب المذاهب النظرية والعملية أحاديث لا يرى عليها شائبة في ظاهرها، ويرجع بها إلى الرسول وأصحابه. فالحق أن كل فكرة، وكل حزب وكل صاحب مذهب، يستطيع دعم رأيه بهذا الشكل، وأن المخالف له في الرأي يسلك أَيْضًا هذا الطريق، ومن ذلك لا يوجد في دائرة العبادات أو العقائد أو القوانين الفقهية أو السياسية مذهب أو مدرسة لا تعزز رأيها بحديث أو بجملة من الأحاديث ظاهرها لا تشوبه أية شائبة. ولم يستطع المسلمون أنفسهم أن يخفوا هذا الخطر، ومن أجل هذا وضع العلماء علمًا خاصًا له قيمته، وهو علم نقد الحديث، لكي يفرقوا بين الصحيح وغير الصحيح من الأحاديث، إذا أعوزهم التوفيق بين الأقوال المتناقضة، ومن السهل أن يفهم أن وجهات نظرهم في النقد ليست كوجهات النظر عندنا، تلك التي تجد مجالاً كبيرًا في النظر في تلك الأحاديث التي اعتبرها النقد الإسلامي صحيحة غير مشكوك فيها، ووقف حيالها لا يحرك ساكنًا.
ولقد كان من نتائج هذه الأعمال النقدية الاعتراف بالكتب الستة أصولاً، وكان ذلك في القرن السابع الهجري، فقد جمع فيها علماء من رجال القرن الثالث الهجري أنواعًا من الأحاديث كانت مبعثرة، رأوها أحاديث صحيحة» (١).
إن سوء ظن هذا الباحث في السُنَّةِ ظهر في طيات كتابه المذكور، في أبحاث ونقاط كثيرة، وإنما استشهدتُ ببعض ما يتناول بحثنا، ويتجلى لنا مما أوردت عن جولدتسيهر ما يلي:
١ - يرى أن أكثر الحديث نتيجة للتطور الإسلامي السياسي والاجتماعي أي أنه موضوع.