للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى للحكام وسائل التطبيق والتنفيذ في ظلال الكتاب والسنة والأصول التي تليها. فالمسلمون ليسوا بحاجة إلى اختلاق أحاديث تبرر ما يقومون به نتيجة لحياتهم الجديدة، فقد كفاهم الله - عَزَّ وَجَلَّ - هذا بما شرعه لهم من أسس وقواعد خالدة إلى يوم الدين، رضيها لهم ورضوها لأنفسهم، وقد قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (١).

[٢]- يرى أن رجال الإسلام القدامى لهم يد في الوضع. فمن هم رجال الإسلام القدامى إذا لم يكونوا الصحابة والتابعين؟ فإذا كان قصدهم فإننا قد بَيَنَّا فيما سبق احتراز الصحابة عن ذلك وعدم انغماس كبار التابعين في حمأة الوضع فلا داعي للتكرار.

[٣]- إذا كان بعض أهل الأهواء قد استجازوا الكذب على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لدعم أهوائهم فهذا لا يعني قط أن أصحاب المذاهب الفقهية والسياسية والعقائدية قد اختلقوا الأحاديث لدعم مذاهبهم، ثم لِمَ يَظُنُّ السوء بهذه المذاهب؟ وَلِمَ يَدَّعِي كذبها ووضعها بعض الأحاديث؟ يجب أن يعلم كل إنسان أن الاختلافات الفقهية بين الصحابة أو الفقهاء لم يكن مردها هوى في النفس أو تعصبًا في الرأي، وإنما كانت لأسباب كثيرة أهمها أن بعض الأحاديث وصلت إلى الأئمة دون بعض فحكموا بها، أو أنها وصلتهم ولكنها ثبتت عند بعضهم ولم تثبت عند الآخرين، أو أنها ثبتت عند الجميع واختلفوا في الاستنباط منها وما إلى هذا (٢)، فالفقهاء جَمِيعًا متفقون على اتباع سُنَّةِ الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فهل يعقل


(١) [سورة المائدة، الآية: ٣].
(٢) انظر " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " لابن تيمية، وهي رسالة صغيرة جليلة القدر وعظيمة النفع.