للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ العِلْمِيَّةِ، وَإِنَّمَا الأُمِّيَّةُ الدِّينِيَّةُ، أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ قَبْلِ القُرْآنِ الكَرِيمِ كِتَابٌ دِينِيٌّ، وَمِنْ هُنَا كَانُوا أُمِّيِّينَ دِينِيًّا، وَلَمْ يَكُونُوا مِثْلَ (أَهْلِ الكِتَابِ) مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى الذِينَ كَانَ لَهُمْ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلَ» (١). وَحَمْلُ هذا اللفظ على هذا المعنى من غير قرينة لا مسوغ له، لأنه يقتضي التفريق بين تفسير الأميين وهم العرب (جهلة الشريعة) وتفسير ما وصف به الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأمية - في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} (٢). بأنه الذي لا يعرف القراءة والكتابة، ولا داعي لهذا التفريق في المعنى، ولا مؤيد له فلا بد من حمل اللفظ على أحد المعنيين، والأصل فيه عدم معرفة القراءة والكتابة (٣)، على أن الرسول الكريم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ الأُمِّيَّةَ المعنية بما لا يرقى إليه الشك، فقد أخرج الشيخان وأصحاب السنن عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ. الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا ... » (٤).


(١) " مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية ": ص ٤٥.
(٢) [سورة الأعراف، الآية: ١٥٧].
(٣) لقد اختار الدكتور [ناصر] الدين الأسد تفسير (الأُمِّيِّينَ) بمعنى جهلة الشريعة، أي الأمية الدينية لا الأمية المتعلقة بالقراءة والكتابة، ودعم رأيه هذا بشواهد فصل فيها، انظر ذلك في كتابه " مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية ": ص ٤٥. وتعرض الدكتور صبحي الصالح في كتابه " علوم الحديث ومصطلحه " لهذا التفسير الذي اعتمد عليه المستشرقون في زعمهم أن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان كاتبًا قارئًا، وأن وصفه بالأمية - كوصف العرب بها - لا ينافي معرفة القراءة والكتابة. انظر كتابه الصفحة: ٢ - ٤ وهوامشها، وقد رد عليهم رَدًّا جليلاً.
(٤) وتتمة الحديث «وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاَثِينَ» انظر " فتح الباري ": ص ٢٨، ٢٩ جـ ٥ و " صحيح مسلم ": ص ٧٦١ حديث ١٥ جـ ٢ وقد رُوِيَ من طرق كثيرة، قال هذا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمناسبة رؤية هلال رمضان، ورأى جمهور المحدثين على أن المراد بالأمة الأمة العربية آنذاك، والمراد من الأمية، أمية القراءة والكتابة، وقد قيل للعرب أميون لأن =