للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالكُتُبِ» (١).

وقد تمسك أبو سعيد الخُدري بحديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي رواه في النهي عن كتابة غير القرآن. وَأَبَى أَنْ يُكْتِبَ أَبَا نَضْرَةَ حِينَ قَالَ لَهُ هَذَا: أَلاَ تُكْتِبُنَا، فَإِنَّا لاَ نَحْفَظُ؟ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «لاَ، إِنَّا لَنْ نُكْتِبَكُمْ، وَلَنْ نَجْعَلَهُ قُرْآنًا، وَلَكِنِ احْفَظُوا عَنَّا، كَمَا حَفِظْنَا نَحْنُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (٢).

وَيُرْوَى عن عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنه كان يكره كتابة الحديث، رُوِيَ عَنْ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا نَخْتَلِفُ فِي أَشْيَاءَ فَنَكْتُبَهَا فِي كِتَابٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهَا ابْنَ عُمَرَ أَسْأَلُهُ عَنْهَا خُفْيًا (٣) فَلَوْ عَلِمَ بِهَا كَانَتِ الْفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ» (٤).

وكره أبو موسى أن يكتب ابنه عنه مخافة أن يزيد أو ينقص، وَمَحَا مَا كَتَبَهُ بالماء (٥) وفي رواية قال: «احْفَظُوا عَنَّا كَمَا حَفِظْنَا» (٦)، وفي رواية عنه أنه قال: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَتَبُوا كِتَابًا وَاتَّبَعُوهُ وَتَرَكُوا التَّوْرَاةَ» (٧).

هؤلاء معظم الذين كرهوا كتابة الحديث في الصدر الأول، حاولت أن


(١) " جامع بيان العلم وفضله ": ص ٦٥ جـ ١، و " تقييد العلم ": ص ٤٣.
(٢) " سنن الدرامي ": ص ١٢٢ جـ ١، وانظر " تقييد العلم " فيه روايات مختلفة عنه: ص ٣٦ - ٣٨ وكذلك في " جامع بيان العلم وفضله ": ص ٦٤ جـ ١، وفي رواية عن أبي سعيد قال: «أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوهَا مَصَاحِفَ!، إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَدِّثُنَا فَنَحْفَظُ، فَاحْفَظُوا كَمَا كُنَّا نَحْفَظُ». انظر " جامع بيان العلم وفضله ": ص ٦٤ جـ ١ وانظر كتاب " العلم " لزهير بن حرب: ص ١٩١.
(٣) يريد خفية. أي ينظر إلى الكتاب من غير أن يشعر ابن عمر بذلك.
(٤) " جامع بيان العلم وفضله ": ص ٦٦ جـ ١ و" تقييد العلم ": ص ٤٤.
(٥) انظر " المحدث الفاصل " نسخة دمشق: ص ٦ جـ ٤ وقارن بكتاب " العلم " لزهير بن حرب: ص ١٩٣ و " سنن الدارمي ": ص ١٢٢ جـ ١.
(٦) " جامع بيان العلم ": ص ٦٦ جـ ١.
(٧) " تقييد العلم ": ص ٥٦.