للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدة خلافته، فقد طلب من أبي بكر بن حزم جمع الحديث، وأبو بكر هذا من أعلام عصره، قال فيه مالك بن أنس: «مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ بْنَ حَزْمٍ أَعْظَمَ مُرُوءَةً وَلاَ أَتَمَّ حَالاً ... وَلِيَ المَدِينَةَ وَالقَضَاءَ وَالمَوْسِمَ (١)» وعنه قوله: «لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا أَحَدٌ بِالمَدِينَةِ عِنْدَهُ مِنْ عِلْمِ القَضَاءِ مَا كَانَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ» (٢). وكان قد طلب منه أن يكتب إليه حديث عمرة بنت عبد الرحمن، وهي خالته، نشأت في حجر عائشة، وكانت من أثبت التابعين في حديث عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - (٣).

وأما القاسم بن محمد بن أبي بكر (٣٧ - ١٠٧ هـ) الذي ذكر في بعض الروايات فهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة، وعالم أهل زمانه، تلقى علمه عن عمته عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -، وعائشة أم المؤمنين معروفة بعلمها وتعمقها في السُنَّةِ، وهي غنية عن التعريف.

وأما ابن شهاب أحد الذين شاركوا في الجمع والكتابة فهو أحد أعلام ذلك العصر، كان قد كتب السنن وما جاء عن الصحابة أثناء طلبه العلم (٤). وكان ذا مكانة رفيعة، فقد روي عن أبي الزناد أنه قال: «كُنَّا نَكْتُبُ الحَلاَلَ وَالحَرَامَ، وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَكْتُبُ كُلَّ مَا سَمِعَ، فَلَمَّا احْتِيجَ إِلَيْهِ عَلِمْتُ أَنَّهُ أَعْلَمُ النَّاسِ» (٥).

وإذا كانت المنية قد اخترمت الخليفة الراشد الخامس قبل أن يرى الكتب


(١) " تهذيب التهذيب ": ص ٣٩ جـ ١٢.
(٢) " تهذيب التهذيب ": ص ٣٩ جـ ١٢.
(٣) انظر المرجع السابق: ص ٤٣٨ جـ ١٢، وقال سفيان بن عيينة: «أَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ ثَلاَثَةٌ: القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزَّبَيْرِ، وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ». انظر " تقدمة الجرح والتعديل ": ص ٤٥.
(٤) انظر " جامع بيان العلم وفضله ": ص ٧٦ جـ ١، و" الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: ص ١٥٦: آ.
(٥) " جامع بيان العلم وفضله ": ص ٧٣ جـ ١، وانظر ترجمة ابن شهاب في الفصل الثاني من الباب الخامس من هذا الكتاب.