الخبرين بأن أبا خالد قد كتب عن الإمام زيد الحديث والفقه وسمع منه، فرتب ذلك في مجموعين. ولا نرى هذا بعيدًا قط، لأن أبا خالد صحب زَيْدًا بالمدينة قبل قدومه الكوفة خمس سنين، كان يقيم عنده في كل سَنَةٍ أَشْهُرًا كلما حج (١)، وكان عصر الإمام زيد عصر طلائع التصنيف، ومع هذا لا يمكننا أن نقطع بأن " المجموع " كما هو عليه الآن جمعًا وترتيبًا من تصنيف الإمام زيد، لأن الدارس لمتن " المجموع " يرى كثيرًا من الحديث يرويه أبو خالد قائلاً: «حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ»، وفي الفقه يقول:«قَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ»، مما يدل على أن أبا خالد تلقى هذا مشافهة عن الإمام زيد. وهذا لا يمنع أن يحمل الإمام بعض علمه في كتاب، سواء أملى على طلابه أم لم يمل، يُرَجَّحُ عِنْدِي أن أبا خالد كتب عن الإمام الحديث والفقه، ثم رتب ذلك في " مجموعين " وكل هذا لا يؤثر في صحة نسبة " المجموع " إلى زيد بن علي.
وعلى هذا يكون " المجموع " من أهم الوثائق التاريخية التي تثبت ابتداء التصنيف والتأليف في أوائل القرن الثاني الهجري. بعد أن استنتجنا هذا من خلال عرضنا لمصنفات ومجاميع العلماء من غير أن نرى نموذجًا ماديًا يمثل أولى تلك المصنفات. اللهم إلا " موطأ الإمام مالك " الذي انتهى من تأليفه قبل منتصف القرن الهجري الثاني، فيكون " المجموع " قد صنف قبله بنحو ثلاثين سَنَةٍ.
ومن الواضح أن " المجموع " المطبوع جمع بين الفقه والحديث، فهو يضم " المجموعين الفقهي والحديثي " ولكنهما ليسا منفصلين، فنرى أبا خالد يروي في الباب الواحد أحاديث مرفوعة إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَآثَارًا عن علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وفقه الإمام زيد - رَحِمَهُ اللهُ -.