للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن الصلاح: «وَبَلَغَنَا عَنْ أَبِي المُظَفَّرِ السِّمْعَانِيِّ المَرْوَزِيِّ أَنَّهُ قَالَ: " أَصْحَابُ الحَدِيثِ يُطْلِقُونَ اسْمَ الصَّحَابَةِ عَلَى كُلِّ مَنْ رَوَى عَنْهُ حَدِيثًا أَوْ كَلِمَةً، وَيَتَوَسَّعُونَ حَتَّى يَعُدُّونَ مَنْ رَآهُ رُؤْيَةً مِنَ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا لِشَرَفِ مَنْزِلَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَوْا كُلَّ مَنْ رَآهُ حُكْمَ الصُّحْبَةِ (*)» (١).

وقال آخرون: لا بد في إطلاق الصحبة مع الرؤية أن يروى حديثًا أو حديثين (٢).

قَالَ الوَاقِدِيُّ: «وَرَأَيْتُ أَهْلَ العِلْمِ يَقُولُونَ: كُلُّ مَنْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ أَدْرَكَ الحُلُمَ فَأَسْلَمَ وَعَقَلَ أَمْرَ الدِّينِ وَرَضِيَهُ فَهُوَ عِنْدَنَا مِمَّنْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» (٣). إلا أن تعريف الواقدي هذا يخرج بعض الصحابة الذين رأوا رسول الله وهم دون الحُلُمِ وَرَوَوْا عنه، كعبد الله بن عباس والحسن والحسين وابن الزبير وغيرهم - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -، ولذلك قال العراقي: «وَالتَّقْيِيدُ بِالبُلُوغِ [- كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ -] شَاذٌّ» (٤).

قَالَ إِمَامُ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: «الصَّحَابَةُ لاَ نَعُدُّهُمْ إِلاَّ مَنْ أَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ , وَغَزَا مَعَهُ غَزْوَةً أَوْ غَزْوَتَيْنِ» (٥).

قال ابن الصلاح: «وَكَأَنَّ المُرَادَ بِهَذَا - إِنْ صَحَّ عَنْهُ - رَاجِعٌ إِلَى المَحْكِيِّ عَنْ


(١) " مقدمة ابن الصلاح ": ص ١١٨، و" فتح المغيث ": ص ٣٠، ٣١ جـ ٤.
(٢) انظر " الباعث الحثيث ": ص ٢٠٣، و" فتح المغيث ": ص ٣٢ جـ ٤.
(٣) " تلقيح فهوم أهل الأثر ": ص ٢٧: ب ونحوه في " فتح المغيث ": ص ٣٢ جـ ٤، و" الكفاية ": ص ٥١.
(٤) " فتح المغيث ": ص ٣٢ جـ ٤.
(٥) " الكفاية ": ص ٥٠، ٥١، و" الباعث الحثيث ": ص ٢٠٣، و" تلقيح فهوم أهل الأثر ": ص ٢٧: ب، و" تدريب الراوي ": ص ٣٩٨.