للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَرَّةً، (١)، كما أنكر عليه حين أبطأ بالجمعة، فقام إليه قائلاً: «أَتُظَلُّ عِنْد ابْنَة فُلاَنٍ تُرَوِّحَُِك بِالمَرَاوِحِ وَتَسْقِيَك المَاءَ البَارِدَ، وَأَبْنَاءُ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ يُصْهَرُونَ مِنَ الحَرِّ؟ لََقََدْ هَمَمْتُ أََنْ أَفْعَلَ وَأَفْعَلَ»، ثُم قَال: «اسْمَعُوْا مَن أَمِيرِكُمْ» (٢).

فهل هذا موقف المُتَشَيِّعِ لبني أمية، النازل على رغباتهم في الحديث، الدَّاعي لهم!! أم أنَّ هذا موقف ملتزم الحق؟

لقد أنكر على الأمير تَأَخُّرَهُ، وحفظ له حقه فأمر المسلمين بالسماع إليه. وهذا دليل آخر على مكانة أبي هريرة بين المسلمين. فلو كان حقيرًا مهينًا ما سمع منه المسلمون وَمَا تَحَمَّلَهُ مروان.

وكان يجدر بمن اَتَّهِمَ أبا هريرة بالتشيُّع للأمويين أن يتهمه بالتشيع لأهل البيت، لما رُوِيَ عنه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مناقبهم ومدحهم مِمَّا ورد فِي صِحَاحِ السُنَّةِ (٣)، فهذا أولى لهم من أنْ يَتَتَبَّعُوا الأحاديث الضعيفة والموضوعة على أبي هريرة في مدح الأمويِّين، ليتهموه بموالاتهم وتأييدهم، مع وضوح وضع تلك الأحاديث، ومعرفة الكَذَبَةِ الواضِعِين لها. وجلاء أمرها، ونتيجة لهذا المنهج الملتوي حكم عليه عبد الحسين وأبو رية.

ومما قاله عبد الحسين في أبي هريرة والأمويين: «استعبد بنو أمية أبا هريرة ببرهم، فملكوا قياده، واحتلُّوا سمعه وبصره وفؤاده، فإذا هو لسان دعايتهم في سياستهم، يَتَطَوَّرُ فيها على ما تقتضيه أهواؤهم. فتارة يفتئت


(١) " مسند الإمام أحمد ": ص ١٤٨ حديث ٧١٦٦ جـ ١٢ بإسناد صحيح ورواه البخاري.
(٢) " العقد الفريد ": ص ٤٢ جـ ١.
(٣) انظر على سبيل المثال لا على سبيل الحصر: " مسند الإمام أحمد ": ص ١٢٩ حديث ٧٣٩٢، وص: ١٩٥ حديث ٧٤٥٥ جـ ١٣، وص ٦٩ حديث ٧٦٣٦، وص ٢٦٠ حديث ٧٨٦٣ جـ ١٤، و" فتح الباري ": ص ٧٦ و ٩٥ جـ ٨.