هذه شهادة تليمذ لأستاذه لا يرقى إليها الشك، ولا يعتريها الظن والتأويل، فالأستاذ من أهل الأهواء، دَاعٍ إلى هَوَاهُ، بل من المُتَعَصِّبِينَ في ذلك، بشهادة أقرب الناس إليه وأعرفهم به، فإذا سبق لأمثاله أنْ كَذَّبُوا الصحابة في الحديث بل في نقل القرآن فليس بَعِيدًا أَنْ يَكْذِبُوا على أبي هريرة ويفتروا عليه وعلى بعض الصحابة والتابعين. لكن روايته مردودة لسببين:
الأول: ضعف الإسكافي لعاملين:
العامل الأول: إنه معتزلي يناصب أهل الحديث العداء.
والعامل الثاني: أنه شيعي محترق. فقد اجتمع فيه عاملان يكفي أحدهما لِرَدِّ روايته.
الثاني: لم تذكر هذه الروايات في مصدر موثوق بسند صحيح. عِلْمًا بِأَنَّ الإسكافي لم يذكر لها سَنَدًا، وهذا يُرَجِّحُ أنها موضوعة، أو هي على الأقل ضعيفة لا يُحْتَجُّ بها.
٢ - وأما من حيث المتن - فلم يثبت أنَّ معاوية حمل أحدًا على الطعن في أمير المؤمنين عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، ولم يثبت عن أحد من الصحابة أنه تطوع بذلك، أو أخذ أجرًا مقابل وضع الحديث، والصحابة جَمِيعًا أسمى وأرفع من أنْ يَنْحَطُّوا إلى هذا الحضيض، ومعاذ الله أنْ يفعل هذا إنسان صاحب رسول الله وسمع حديثه وزجره عن الكذب، وإنَّ جميع ما جاءنا من هذه الأخبار الباطلة، إنما كان عن طريق أهل الأهواء الداعين إلى أهوائهم المُتَعَصِّبِينَ لمذاهبهم، فَتَجَرَّؤُوا على الحق، ولم يعرفوا لِلْصُحْبَةِ حرمتها، فَتَكَلَّمُوا في خيار الصحابة وَاتَّهَمُوا بعضهم بالضلال والفسق، وقذفوا بعضهم بالكفر، وافتروا على أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم (١).