للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيرَ خَزايا، ولا ندامَى. قالوا: إنا نأتيك (١) من شُقَّة بعيدة، وبيننا وبينك هذا الحيُّ من كفار مُضَرَ، ولا نستطيع أن نأتيَكَ إلاَّ في شهر حرام، فمُرْنا بأمرٍ نُخبر به مَنْ وراءنا، ندخُلُ به الجنة، فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع .... قال: «احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ» (٢). ولم يترك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طريقة من طرق التبليغ والإعلام في ذلك العصر إلاَّ استعملها في سبيل تبليغ الإسلام، فأرسل الرُّسُلَ، وطيَّرَ الكُتُبَ، ووجَّهَ الأمراءَ والقضاة، فكان مثالاً طيِّبًا لنشر الرسالة، وتلبيغ الأمانة، ومنع كتمان العلم: فقال: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٣) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَثَلُ الذِي يَتَعَلَّمُ عِلْماً ثُمَّ لاَ يُحَدِّثُ بِهِ مَثَلُ رَجُلٍ رَزَقَهُ اللهُ مالاً فَكَنَزَهُ فَلَمْ يُنْفِقْ مِنْهُ» (٤) فهو بمعنى الآية الكريمة: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ


(١) هكذا النص.
(٢) " فتح الباري ": ص ١٩٤ جـ ١. وتتمة الحديث: أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ، قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَتُعْطُوا الخُمُسَ مِنَ المَغْنَمِ» وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالمُزَفَّتِ " قَالَ شُعْبَةُ: رُبَّمَا قَالَ: «النَّقِيرِ» وَرُبَّمَا قَالَ: «المُقَيَّرِ» قَالَ: «احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ».
(٣) " مسند الإمام أحمد ": ص ٥ حديث ٧٥٦١ جـ ١٤ وص ٨٦ حديث ٧٩٣٠ جـ ١٥.
(٤) " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص ٧١: ب.