للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ابن شهاب، وهكذا كانت صلته بالأمويين، فهل يعقل أن يكذب على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -!! وهو الذي أبى أن يداهن الخليفة هشام بن عبد الملك، بل قال له - حين كانت السلطة بيده - «لاَ أَبًا لَكَ. فَوَاللهِ لَوْ نَادَانِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنَّ اللهَ أَحَلَّ الكَذِبَ مَا كَذَبْتُ»، ابن شهاب يخاطب أمير المؤمنين، بل يشتمه عندما يخالف الحق، وهل أقسى من عبارة «لاَ أَبًا لَكَ»، وهل أجرأ من ابن شهاب بعد هذا؟ وهل صدق - بعد هذا - دعوى أعداء الإسلام وافتراءاتهم على إمام عصره وحافظ زمانه؟.

قال الإمام الأوزاعي: «مَا أَدْهَنَ ابْنُ شِهَابٍ قَطُّ لِمَلِكٍ دَخَلَ عَلَيْهِ» (١).

وقال أيوب: «لَوْ كُنْتُ كَاتِبًا الحَدِيثَ عَنْ أَحَدٍ كُنْتُ كَاتِبَهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، مِنْ رَجُلٍ أَحْيَى عِلْمَ تِلْكَ البَلْدَةِ، مِنْ رَجُلٍ يَصْحَبُ السُّلْطَانَ» (٢).

وأما ما روي عن يزيد بن يحيى أنه قال: «قَلَّ قَلِيلُهُ أَيُّ رَجُلٍ هُوَ لَوْلاَ أَنَّهُ أَفسَدَ نَفْسَه بِصُحبَةِ المُلُوْكِ» (٣)، فهذا الخبر ضعيف وَاهٍ لا يعتمد عليه، ففي إسناده مجهولون، وفي إسناده العباس بن الوليد بن صبيح الخلال الدمشقي، قال الآجري: «سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ عَنْهُ فَقَالَ: كَانَ عَالِمًا بِالرِّجَالِ وَالأَخْبَارِ لاَ أُحَدِّثُ عَنْهُ» (٤).

ويزيد بن يحيى بن الصباح نفسه لا يعرف، وقال أبو حاتم: «لَيْسَ بِالقَوِيِّ» (٥).


(١) " تاريخ دمشق ": ص ٥٩٣ جـ ٣١.
(٢) " تاريخ دمشق ": ص ٥٩٣ جـ ٣١.
(٣) " تاريخ دمشق ": ص ٥٩٣ جـ ٣١.
(٤) " ميزان الاعتدال ": ص ٢٠ ترجمة ١٤٥ جـ ٢.
(٥) المرجع السابق: ص ٣١٨ ترجمة ٢٧٣٩ جـ ٣.