للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ مُسْتَعِدًّا لأَنْ يَضَعَ لَهُ أَحَادِيثَ فِي ذَلِكَ، فَوَضَعَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا ... ».

هذا غير معقول، لأن ابن شهاب ولد سَنَةَ (٥٠ هـ) على أرجح الأقوال. وكانت الخصومة بين ابن الزبير وعبد الملك بن مروان بين عامي (٦٥ و ٧٣ هـ). فإذا كان عبد الملك قد بنى قبة الصخرة - حسب ما ذهب إليه بعض المستشرقين - سَنَةَ (٧٢ هـ)، فيكون عمر الزهري آنذاك (٢٢) اثنتين وعشرين سَنَةً، ولم يكن بعد مشهورًا، بل ما زال في مقتبل العمر يطلب العلم، لم يصل إلى مرتبة الشهرة في الأمة الإسلامية، وكان هناك من هو أشهر منه، من كبار التابعين، كسعيد بن المسيب، وقبيصة بن ذؤيب، والقاسم بن محمد وغيرهم، لم يحاول عبد الملك أن يستغل واحدًا منهم، عِلْمًا بأن قُبيصة بن ذؤيب كان على خاتمه، ومن كبار العلماء حوله. وابن شهاب - فوق هذا - لم يفد على عبد الملك قبل سَنَةِ ثمانين، قال الليث بن سعد: «وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ قَدِمَ ابْنُ شِهَابٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِِ (١)، وَهِيَ السَّنَةُ التِي ذَكَرَهَا ابْنُ شِهَابٍ نَفْسَهُ فَقَالَ: " قَدِمْتُ زَمَنَ تَحَرُّكِ ابْنِ الأَشْعَثِ "» (٢). فهل يضع الزهري الحديث بعد وفاة ابن الزبير بتسع سنين؟؟ ولو فرضنا أن الزهري وفد على عبد الملك قبل استشهاد ابن الزبير، ووضع هذا الحديث على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليحمل الناس على الحج إلى المسجد الأقصى - فهل يصدقه الناس؟ وهل يسكت عنه صغار الصحابة وكبار التابعين في دمشق؟ بل هل يسكت عنه علماء الحجاز والأمصار الأخرى؟ وهل يعقل أن يخفى على الأمة صحة هذا الحديث، وفي الأمة علماء


(١) انظر " تاريخ دمشق ": ص ٤٩١ جـ ٣١.
(٢) " التاريخ الصغير ": ص ٩٣.