كان كثير العبادة والصيام، قيل كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وكان شديد الحيطة في دينه. قال أنس بن سيرين:«لَمْ يَبْلُغْ مُحَمَّدًا حَدِيثَانِ قَطُّ أَحَدُهُمَا أَشَدُّ مِنَ الآخَرِ إِلا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا»، قال:«وَكَانَ لاَ يَرَى بِالآخَرِ بَأْسًا ... »، وَقَالَ أَبُو قِلابَةَ:«وَأَيُّنَا يُطِيقُ مَا يُطِيقُ مُحَمَّدٌ!! مُحَمَّدٌ يَرْكَبُ مِثْلَ حَدِّ السِّنَانِ».
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ:«عَلَيْكُم بِذَلِكَ الأَصَمِّ - يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ سِيْرِينَ -». كان حليمًا وقورًا يتأسى بالرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبالخلفاء الراشدين والصحابة وكان يحث طلابه على التثبت في تحمل الحديث، ويقول:«إِنَّ هَذَا العِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ [دِينَكُمْ]».
وإلى جانب هذا كان مرح النفس، طيب المعشر، احتل مكانة في نفوس العلماء وطلاب العلم، وتسنم ذروة الإمامة في عصره. قال محمد بن سعد:«كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا عَالِيًا رَفِيعًا فَقِيهًا إِمَامًا كَثِيرَ العِلْمِ».
توفي بالبصرة سَنَةَ (١١٠ هـ) - رَحِمَهُ اللهُ -.
* * *
هؤلاء من أشهر التابعين وأكثرهم حديثًا، ويضيق المقام عن ذكرهم جَمِيعًا، فهناك الأعلام المشهورين: الحسن البصري، وسليمان الأعمش، وقتادة بن دعامة السدوسي، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وغيرهم ممن ساهموا في حفظ السُنَّةِ ونقلها، جزاهم الله عنا أحسن الجزاء، وأسكنهم فسيح الجنان.