وعاداتهم وتقاليدهم إلى الإسلام في نظمه وتعاليمه وعقائده وعباداته.
لقد تَدَرَّجَ القرآن الكريم في انتزاع العقائد الفاسدة والعادات الضارة، ومحاربة المنكرات التي كان عليها الناس في الجاهلية، وثبت بالتدرج أَيْضًا العقائد الصحيحة، والعبادات، والأحكام، ودعا إلى الآداب السامية والأخلاق الفاضلة، وشجع الذين التفوا حول الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الصبر والثبات وفي هذا كله كان الرسول الكريم يُبيِّنُ القُرْآنَ، ويفتي الناس، ويفصل بين الخصوم ويقيم الحدود، ويُطبِّقُ تعاليم القرآن، وكل ذلك سُنّةٌ، وسنتناول الآن منهج الرسول الكريم - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، في ذلك كله، مُتَوَخِّينَ الإِيجَازَ، وإِنَّ لدراسة أسلوبه ومنهجه لأثرًا بعيدًا في تثبيت سُنَنِ الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولولا ذلك لَمْ نَتَعَرَّضْ لدراسته.
كان الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد اتخذ دار الأرقم مَقَرًّا له ولأصحابه حين كانت الدعوة سرية، فيلتف حوله المسلمون الأوائل بعيدًا عن المشركين يتذاكرون كتاب الله، وهو يُعَلِّمُهُمْ مبادئ الإسلام، ويحفظهم ما يتنزل عليه من القرآن، وبعد ذلك أصبح منزل الرسول - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - في مكة ندوة المسلمين، ومعهدهم الذي يَتَلَقَّوْنَ فيه القرآن الكريم، وينهلون من الحديث الشريف على يدي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ولا شك في أَنَّ الصحابة كانوا يستظهرون آيات القرآن، ويتدارسونها فيما بينهم، في بيوتهم وفي حوانيتهم، في المدينة وفي البيداء، ليثبتوا ما سمعوا من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد يتذاكرون تفسير مَا تَلَقَّوْهُ، وما تفسيره إلاَّ شرح رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو الحديث. فحفظ حديث رسول الله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - كان متمشيًا جنبًا إلى جنب مع حفظ القرآن العظيم من الأيام