للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِدَاكَ. قَالَ «وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ». قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ؟». قَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ. قَالَ: «وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ» - ثم ذكر له رسول الله أخته وعمَّته وخالته، وفي ذلك يقول الفتى مقالته: «لاَ وَاللَّهِ يا رسول الله جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ» - قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ». قَالَ (الرَّاوِي): فَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ ذَلِكَ الفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ (١).

لقد اتبع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسلوبًا جعل الفتى يدرك أثر الزنا في المجتمع، وكيف أَنَّ الناس جَمِيعًا لا يرضونه لأنفسهم وأهليهم كما أنه لا يرضاه هو لذويه، مما حمله على الاقتناع بالإقلاع عنه، وخير الأمور ما كان الدافع إليه من قرارة النفس.

وكان يخاطب القوم بلغتهم ولهجتهم، ومن هذا ما رواه الخطيب البغدادي بسنده عَنْ عَاصِمٍ الأَشْعَرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ». أَرَادَ لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَهَذِهِ لُغَةُ الأَشْعَرِيِّينَ يَقْلِبُونَ اللاَّمَ مِيمًا (٢).

وَ «كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ ثَلاَثًا لِكَيْ يُفْهَمَ عَنْهُ» (٣)، وَإِذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ فَصْلاً يُبَيِّنُهُ، فَيَحْفَظُهُ مِنْهُ مَنْ سَمِعَهُ (٤).


(١) " مجمع الزوائد ": ص ١٢٩ جـ ١ عن أبي أمامة الباهلي، رجاله رجال الصحيح وقد رواه الطبراني في " الكبير ".
(٢) " الكفاية ": ص ١٨٣ وقد أخرجه الإمام أحمد. وأخرج الشيخان ومالك وأبو داود والنسائي «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّوْمُ فِي السَّفَرِ» " تيسير الوصول ": ص ٣١٢ جـ ٢.
(٣) " مجمع الزوائد ": ص ١٢٩ جـ ١ عن أبي أمامة رواه الطبراني في " الكبير " بإسناد حسن وأخرج البخاري نحوه عن أنس، انظر " صحيح البخاري بحاشية السندي ": ص ٢٩ جـ ١.
(٤) كتاب " تسمية ما ورد به الخطيب ": ص ٢٩ جـ ١ رواه عن عروة عن عائشة، مخطوطة المكتبة الظاهرية، دمشق. مجموع (١٨).