للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟»، قَالَ: «نَعَمْ، أَوْ حَدَّثَنِي مَنْ لَمْ يَكْذِبْ، وَاللهِ مَا كُنَّا نَكْذِبُ وَلاَ كُنَّا نَدْرِي مَا الكَذِبُ». (١).

وكان الصحابة يتذاكرون دَائِمًا ما يسمعون من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال أنس بن مالك: «كُنَّا نَكُونُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَسْمَعُ مِنْهُ الحَدِيثَ فَإِذَا قُمْنَا تَذَاكَرْنَاهُ فِيمَا بَيْنَنَا حَتَّى نَحْفَظُهُ» (٢).

وإلى جانب هذه المجالس، كان الصحابة يَتَلَقَّوْنَ السُنَّةَ عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجوه يمكن حصرها فيما يأتي:

[أ] حوادث كانت تقع للرسول نفسه، فَيُبيِّنُ حُكْمَهَا، وينتشر هذا الحكم بين المسلمين بمن سمعوه منه، وقد يكون هؤلاء كثرة تُمَكِّنُهُمْ كثرتهم من إذاعة الخبر بسرعة، وقد يكونون قلة فيبعث الرسول الكريم - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - من ينادي في الناس بذلك الحكم.

مِثَالُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: نَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا، فَسَأَلَهُ: «كَيْفَ تَبِيعُ؟» فَأَخْبَرَهُ، فَأُوحِىَ إِلَيْهِ أَدْخِلْ يَدَكَ فِيهِ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مَبْلُولٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ» (٣).

وَمِثَالُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا، وَهِيَ مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ (٤)، فِيهَا صُورَةُ تَمَاثِيلَ فَتَلَوَّنَ


(١) " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص ١٢: آ، ورواه السيوطي في " مفتاح الجنة ".
(٢) " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص ٤٦: ب.
(٣) " مسند الإمام أحمد ": ص ١٨ حديث ٧٢٩٠ جـ ١٣ بإسناد صحيح.
(٤) القِرَامُ بكسر القاف: ثوب من صوف مُلَوَّنٍ. وهو صفيق يتخذ سترًا وقيل هو الستر الرقيق، وقيل هو ستر فيه رقم ونقوش وجمعه قِرَمٌ. انظر " لسان العرب ": ص ٣٧٤ جـ ١٥.