للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْ فَرُّوخَ، مَوْلَى عُثْمَانَ، أَنَّ عُمَرَ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ -، خَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ فَرَأَى طَعَامًا مَنْثُورًا، فَقَالَ: مَا هَذَا الطَّعَامُ؟ فَقَالُوا: طَعَامٌ جُلِبَ إِلَيْنَا، قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ، وَفِيمَنْ جَلَبَهُ، قِيلَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ قَدِ احْتُكِرَ، قَالَ: وَمَنِ احْتَكَرَهُ؟ قَالُوا: فَرُّوخُ مَوْلَى عُثْمَانَ، وَفُلانٌ مَوْلَى عُمَرَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَدَعَاهُمَا، فَقَالَ: مَا حَمَلَكُمَا عَلَى احْتِكَارِ طَعَامِ المُسْلِمِينَ؟ قََالاَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، نَشْتَرِي بِأَمْوَالِنَا، وَنَبِيعُ، فَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ احْتَكَرَ عَلَى المُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ، ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالإِفْلاسِ، أَوْ بِجُذَامٍ»، فَقَالَ فَرُّوخُ عِنْدَ ذَلِكَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أُعَاهِدُ اللَّهَ، وَأُعَاهِدُكَ، أَنْ لاَ أَعُودَ فِي طَعَامٍ أَبَدًا، وَأَمَّا مَوْلَى عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّمَا نَشْتَرِي بِأَمْوَالِنَا وَنَبِيعُ. قَالَ أَبُو يَحْيَى: فَلَقَدْ رَأَيْتُ مَوْلَى عُمَرَ مَجْذُومًا (١).

وفي وقعة اليرموك كتب القادة إلى عمر بن الخطاب: «إِنَّهُ قَدْ جَاشَ إِلَيْنَا المَوْتُ» يستمدونه، فكان فيما أجابهم: «إِنِّي أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ هُوَ أَعَزُّ نَصْرًا وَأَحْضَرُ جُنْدًا، اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاسْتَنْصِرُوهُ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نُصِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي أَقَلَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ، فَإِذَا أَتَاكُمْ كِتَابِي هَذَا فَقَاتِلُوهُمْ، وَلا تُرَاجِعُونِي» (٢)!!

وهكذا كان الصحابة يَتَمَسَّكُونَ بِهُدَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -


= جـ ٣ ص ٦٦ - ٦٧ في ترجمة حُويطب (روى له الشيخان والنسائي حديثًا واحدًا في العمالة، وهو الذي اجتمع في إسناده أربعة من الصحابة) يريد هذا الحديث والصحابة الأربعة هم: السائب وحويطب وعبد الله بن السعدي وعمر) انظر هامش ص ١٩٧ جـ ١ من " مسند أحمد ". ومعنى مشرف في الحديث: متطلع إلى المال.
(١) " مسند الإمام أحمد ": ص ٢١٤ حديث ١٣٥ جـ ١ بإسناد صحيح وأبو يحيى المكي هو راوي الحديث عن فروخ.
(٢) " مسند الإمام أحمد ": ص ٣٠٤ جـ ١.