لا فرق بينهم وبينها إلا أن الجراثيم تسمم الأبدان وهؤلاء يسممون القلوب التي لا صلاح للأبدان إذا فسدت، وإذا قام المسلم بهذه الوظيفة الوضيعة فما الذي أبقى للشيطان الذي يجعل الخلاف وسيلته الكبرى لإشقاء بنى آدم في العاجل والآجل، وماذا أبقى للمستعمر الأستاذ الأكبر المتخصص في غرس شجرة الخلاف الملعونة وتنميتها وتموين الفتنة وتغذيتها على أنه إذا كان في مجتمعنا دعاة للشر والفتنة فإن فيه كذلك دعاة للخير والألفة وكلا الفريقين معروف بأعماله، فلتعرف الأمة ذلك ولتعمل به، وإذا لم يعظها شيء فلتتعظ بما يقع في مجتمعها من خصومات أودت بوحدتها وفتكت بماليتها، فلا عجب بعد ذلك أن يسمى النبي صلى الله عليه وسلم الإصلاح بين الناس تجارة، فعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب:"ألا أدلك على تجارة؟ " قال: بلى يا رسول الله، قال:"تسعى في إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا".