للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} وإن أسرى المسلمين من قريش يوم بدر ممن أعوزهم المال لم يخلصهم من أسرهم إلا علمهم بالقراءة والكتابة، حيث جعل الرسول صلى الله عليه وسلم فداء الواحد منهم تعليم عشرة من أبناء الأنصار القراءة والكتابة.

أيتها الأمة:

إن التعليم يقوي كيانك ويقيم أركانك ويعلي بنيانك ويرفع شأنك، فاجعليه

في أول القائمه من أعمالك، وضحي له بالضروري من قوتك، بل ضحي له بحياتك إن اقتضى الحال أن تضحي له بحياتك، فلا حياة لك بلا تعليم، لأنه لا حياه لك بلا لغة ولا دين ولا تاريخ.

أيتها الأمة:

لا يكن كل همك في طعامك وشرابك، فالحياه لا تقوم على الخبز وحده، وهو مصداق ما في الإنجيل: (لا يحيا الإنسان بالخبز وحده) لأن الإنسان ليس جسدا فقط، وإنما هو جسد وروح وعقل، وإن الجسد لا بقاء له بلا روح، ولا قيمة له بلا عقل، فالجسد مثله مثل مركبة محركها الروح وقائدها العقل إذا علمت هذا لم تجعلي التعليم كماليا، وإنما جعلته كالقوت ضروريا، فأنصفي نفسك من نفسك بإنصافك روحك وعقلك من جسمك.

أيتها الأمة:

ما أهون الحياة التي يحياها الإنسان مستعبدا لجهله، مسعبدا لهواه، مستعبدا لظالمه: إن هو- إذ يرضى بذلك- إلا حيوان وليس بإنسان، بل إننا لنظلم الحيوان إذ نشبهه بمثل هذا الإنسان، ولو نطق الحيوان لرد عن نفسه هذا الإفتراء والبهتان، ولقال: إني لخير من هذا الإنسان، لأني "بما جبلت عليه من جهل وطاعة عمياء لمالكي" أقوم بأداء وظيفتي كحيوان، أما الإنسان فإنه إذا تخلى عما فطره الله عليه من كمال فقد اهمل وظيفة الإنسان وهو ليس بحيوان، ولذلك فليس هو حينئذ بإنسان

<<  <   >  >>