ولا حيوان، لذلك يعقب القرآن على قوله:{إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ} بقوله: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}.
أيتها الأمة:
جاهدي في العلم حق جهاده، جاهدي بمالك ونفسك ولا يشغلك واجب
عن هذا الواجب، ولا يصدك عن هذه الوجهة أصوات المأجورين على خنق أنفاسك وإطفاء نبراسك، ولا يصرفك عن المضي في هذا الطريق ما يصادفك فيه من عراقيل، وما يضعه فيه أعداء النور من صخور، ولكن اسمعي لهتاف دعاتك المخلصين الصادقين، والتفتي إلى عهودك الزاهرة بأنوار العلوم والعرفان، الزاخرة بأنواع الفتوح والعمران، يوم كانت أروبا تعيش في الظلام، فتعشو إلى ضوء الإسلام، ويتردد أبناؤها على الأندلس وبغداد ليتزودوا من تراثهما الفكري خير الزاد، يوم كان المأمون يفرغ خزائن الذهب ليملأ خزائن الكتب بذخائر العلم والأدب ويدفع أبهض الأثمان على نقل فلسفة اليونان وعلوم اليونان، فكان المسلمون بذلك أساتذة العالم في تنوير الأذهان بنور العلم والعرفان، كما كانوا أساتذة العالم في تنوير القلوب بنور الهدى والإيمان.
أيتها الأمة:
هذا وهو ماضيك فسيري على ضوئه واهتدي بهديه، واحملي مشعل الهدايتين، هداية الدين، وهداية العلم كما كنت من قبل، والله يأخذ بيدك ويسدد خطاك.