وقال مروان لوكيله: إنك لتخونني، فقال: نعم، إني لأخونك وأنت تخون أمير المؤمنين وأمير المؤمنين يخون المسلمين، ولعن الله شر الثلاثة.
وذكر الغزالي في (الإحياء): أن هشام بن عبد الملك قدم حاجا إلى مكة فلما دخلها قال: ايتوني برجل من الصحابه فقيل: يا أمير المؤمنين قد تفانوا، فقال: من التابعين، فأوتي بطاوس الماني فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه، ولم يسلم عليه بأمرة المؤمنين ولكن قال: السلام عليك يا هشام ولم يكنه وجلس بإزائه وقال: كيف أنت يا هشام؟ فغضب هشام غضبا شديدا حتى هم بقتله فقال له: يا طاوس: ما الذي حملك على ما صنعت؟ قال: وما الذي صنعت؟ فازداد غضبا وغيظا وقال: خلعت نعليك بحاشية بساطي ولم تقبل يدي ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين ولم تكنني وجلست بإزائي بغير إذني وقلت: كيف أنت يا هشام؟ قال: أما ما فعلت من خلع نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعهما بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات ولا يعاقبني ولا يغضب علي وأما قولك: لم تقبل يدي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: لا يحل لرجل أن يقبل يد أحد إلا والده من رحمه وأما قولك: لم تسلم علي بإمرة المؤمنين فليس كل الناس راضن بإمرتك، فكرهت أن أكذب، وأما قولك: لم تكنني فإن الله تعالى أسمى أنبياءه وأولياءه فقال: يا داود، يا يحيى، يا عيسى، وكنى أعداءه فقال: تبت يدا أبي لهب، وأما قولك: جلست بإزائي، فإني سمعت أمير المؤمنين عليا يقول: إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام فقال له هشام: عظني، فقال: سمعت من أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: أن في جهنم حيات كالقلال، وعقارب كالبغال تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته، ثم قام"