وعندما أبقى النبي صلى الله عليه وسلم على حياة أسرى بدر، وقبل منهم الفداء بعد أن استشار أصحابه فأشار قسم منهم بقتل الأسرى، وفي طليعة هذا القسم عمر رضى الله عنه، وأشار قسم آخر بالعفو عنهم وقبول الفداء، وفي طليعة هذا القسم أبو بكر رضي الله عنه، ومال نبي الرحمة إلى الجانب الذي فطره الله عليه وهو الرحمة، كان العتاب من الله شديدا تعلنه هذه الآيات التي نزلت في هذه القضية الخطرة: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
ذلك لأن هؤلاء الأسرى الذين أظفره الله بهم، تكرمة منه وقطعا لدابر الشر، هم الذين وقفوا في سبيل الدعوة قبل ذلك وهم الذين سيقفون في سبيلها بعد ذلك، فليس من صالح الدعوة أن يتركوا.