وجمعية العلماء- لرشدها- تؤمن بأن استقلال الشخصية، أولى الخطوات في طريق الإستقلال، لذلك تعطى لمقومات الإسلامية أكبر اهتمامها، ولا تقيم أي وزن لاستقلال لا تصلا إليه الأمة إلا بفقدان شخصيتها، واندماجها في غيرها، وإنما هي تقيم استقلالها على الأسس الصحيحة للشخصية الإسلامية من لغة ودين وتاريخ وعادات.
وبعد، فلا ننسى مما صدرنا به الفصل، من أن انشراح الصدر، خير نعمة وأفضل أداة للنجاح في الحياة، وإذا كانت الحياة الرخية السخية لا تتم إلا بالتعاون، فإن انشراح الصدر من أفضل الوسائل لكسب الأعوان والأنصار بل ما تزال سعة الصدر توسع دائرة الأصدقاء وتكثر عددهم، حتى تكتسح كل شبح للعداوة، ولا يبقى يرف في الأفق إلا روح الصداقة الكاملة، والأخوة الشاملة، وذلك ما يهدف إليه الإسلام في تعاليمه السمحة السامية، وعندما يبلغ العالم هذه الغاية ستطيع أن نقول: إن الإنسانية بلغت رشدها، وقضت من الحضارة وطرها ..
فليتذرع المسلم بهذه الوسيلة، إلى غايته النبيلة، وليتذرع بهذه العدة فهي- وحدها- بكل خير كفيلة، وليتخلق بسعة الصدر، ومرونة الخلق، إن أراد أن تكثر أعوانه، ويلتف حوله إخوانه، وينتفع بما ورد:(من نعم عوده، كثفت أغصانه)، وما أحكم ما فاه به الإسكندر - عندما قيل له-: بم نلت هذه الملكة العظمى- على حداثة سنك- إذ قال: نلت ذلك باستمالة الأعداء، وتصييرهم بالبر والإحسان أصدقاء وتعاهد الأصدقاء بأعظم الإحسان وأبلغ الإكرام.
وإذا كانت في التخلق بهذا الخلق ما يشق على النفس، فلنذكر المثل الحكيم: