المتعة وألوان النعيم، وبما يفتح عليهم من أبواب كل شيء، وهكذا ليفتنهم بكثرة ما يشغلهم به عن التفكير في عقباهم والنظر في مصيرهم والاستعداد لمعادهم، وبينما هم كذلك غارقون في ملذاتهم منهمكون في شهواتهم منصرفون عن ربهم فرحون بما أوتوا من أفانين سعادتهم، إذا هم يؤخذون على غفلة ويبطش بهم على غرة، وإذا هم أثر بعد عين، {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}، فلا يغتر عاقل بما يرى فيه الظالم من نعمة أتيحت له ليكون فيها حتفه ويضاعف بها إثمه، ثم يتركها لمن يخلفه يأكلها ويلعنه:{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}.
والعبرة التي تؤخذ من الآية أن توفر أسباب النعيم في هذه الدنيا لا يكون- دائما- دليلا على السعادة الحقة، بل كثيرا ما كان من أسباب النقمة، ومن علامات غضب الله، كما نرى ذلك متوفرا عند الطغاة والجبابرة بصفه تلفت النظر إلى هذا المعنى وتثبته في النفس {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} وبذلك ينظر المؤمن- إلى هذا الظل الزائل وإلى هذه الحبائل التي تنصب لهذا الصيد الأبله الجاهل الذي هو الإنسان- نظرة استخفاف وأزدراء.