مسوقين بدوافع من دنيانا ومقودين بجواذب من هوانا، وما أحكم الإسلام، إذ يلحظ سلوكنا حتى في مشيتنا لنعطى للأمم المثل الأعلى في كل شيء.
ويصفهم بأن لهم أحلاما، إذ يقول {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}، وأين منا نحن أولو الأحلام وتصرفاتنا تتحكم فيها القوة الغضبية، فحياتنا كلها شجار وخصام.
ويصفهم يأنهم لا يبيتون نياما، وإنما يبيتون سجدا وقياما، إذ يقول:{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} وأين اليوم هؤلاء، إنهم لأعز من الكبريت الأحمر، وإنما الذين يوجدون بكثرة هم الذين يتهاونون بالفرض ويسهون عن المكتوبة فيستحقون الويل الذي وعد الله به أمثالهم إذ قال:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}
ويصفهم بأنهم لا يعرف الغرور سبيلا إلى نفوسهم بل هم دائما كما قال الله:{يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} لذلك فهم دائما يطلبون الكمال ويطمحون إلى المزيد من صالح الأعمال ولا يفتأون مع ذلك- يستغفرون وإلى ربهم يتضرعون ويقولون:{رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}، أما نحن فما أسرع ما يقف بنا الغرور في منتصف الطريق، يوحي إلينا بأننا قمنا بكل ما علينا.
ويصفهم بالرشد والكياسة وحسن التصرف إذ يقول:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}، أما نحن فما أبعد الرشد وحسن التصرف منا فنحن- إذ ننفق- إما مسرفون أو مقترون، وكلا الأمرين ذميم. ويصفهم بصحة العقيدة والإخلاص في العمل، والوقوف عند حدود الله، إذ يقول:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} ونحن لو صحت عقيدتنا في الله وأخلصنا العمل لله ووقفنا عند حدود الله لما سلط علينا من لا يرحمنا ولا يخاف الله.
ويصفهم بتحري الحق في كل ما يأتون فلا يشهدون الزور، ولا يحضرون اللغو إذ يقول:{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}، ونحن أطلقنا لألسنتنا العنان تمدح بغير حق وتذم بغير حق، وتلك هي شهادة الزور بعينها، أما