للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غزاهم غزوات فى زمان عثمان ظفر بهم كما كان يظفر، حتى إذا تبدل أهل الكوفة، وذكر بعض ما تقدم من استعمال من ارتد، وغزاهم بعد ذلك تذمرت الترك وقالوا:

انظروا، وكانوا يقولون إنهم لا يموتون. قال: فاختفوا لهم فى الغياض، فرمى رجل منهم رجلا من المسلمين على غرة فقتله، وهرب عنه أصحابه، فخرجوا عليه عند ذلك، فاقتتلوا فاشتد قتالهم، ونادى مناد من الجو: صبرا آل عبد الرحمن موعدكم الجنة فقاتل حتى قتل عبد الرحمن وانكشف المسلمون، وأخذ سلمان بن ربيعة الراية، فقاتل بها، ونادى مناد من الجو: صبرا آل سلمان، فقال سلمان: أو ترى جزعا؟ ثم خرج بالناس وخرج سلمان الفارسى وأبو هريرة الدوسى على جيلان، فقطعوها إلى جرجان، واجترأ الترك بعدها ولم يمنعهم ذلك من اتخاذ جسد عبد الرحمن، فما زالوا بعد يستسقون به.

وجعل عثمان، رحمه الله، يغزيها مع حبيب بن مسلمة.

وحدث مطر بن ثلج التيمى قال: دخلت على عبد الرحمن بن ربيعة بالباب وشهربراز عنده، فأقبل رجل عليه شحوب حتى جلس إلى شهربراز، فتساءلا، ثم إن شهربراز قال لعبد الرحمن: أيها الأمير، أتدرى من أين جاء هذا الرجل؟ إنى بعثته منذ سنتين نحو السند لينظر لى ما حاله ومن دونه، وزودته مالا عظيما، وكتبت له إلى من يلينى، وأهديت له، وسألته أن يكتب إلى من وراءه، وزودته لكل ملك هدية، ففعل ذلك بكل ملك بينى وبينه، حين انتهى إليه، حتى انتهى إلى الملك الذى السد فى ظهر أرضه، فكتب له إلى عامله على ذلك البلد، فأتاه فبعث معه بازياره ومعه عقابه. فذكر أنه أحسن إلى البازيار وقال: فتكشر لى البازيار.

فلما انتهينا إذا جبلان بينهما سد مسدود، حتى ارتفع على الجبلين بعد ما استوى بهما، وإذا دون السد خندق أشد سوادا من الليل لبعده، فنظرت إلى ذلك وتفرست فيه، ثم ذهبت لأنصرف، فقال لى البازيار: على رسلك، أكافئك، إنه لا يلى ملك بعد ملك إلا تقرب إلى الله بأفضل ما عنده من الدنيا، فيرمى به فى هذا اللهب، فشرح بضعة لحم معه، فألقاها فى ذلك الهوى، وانقضت عليها العقاب، وقال: إن أدركتها قبل أن تقع فلا شىء، وإن لم تدركها حتى تقع فذلك شىء، فخرجت علينا العقبان باللحم فى مخالبها، وإذا فيها ياقوتة، فأعطانيها، وهى هذه. فتناولها منه شهربراز وهى حمراء فناولها عبد الرحمن، فنظر إليها ثم ردها إليه، فقال شهربراز: لهذه خير من هذه البلد، يعنى الباب، وايم الله لأنتم أحب إلىّ ملكة من آل كسرى، ولو كنت فى سلطانهم ثم بلغهم خبرها لانتزعوها منى، وايم الله لا يقوم لكم شىء ما وفيتم أو وفى ملككم الأكبر.