ذكر الطبرى «١» من طريقين، كلاهما ينمى إلى سليمان بن بريدة، واللفظ فى الحديثين متقارب، وربما كان فى أحدهما زيادة على الآخر، وأحدهما عن سيف بن عمر، وفيه: أن سليمان بن بريدة قال: لقيت رسول سلمة بن قيس الأشجعى، فقال:
كان عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، إذا اجتمع له جيش من العرب، بعث عليهم رجلا من أهل العلم والفقه، فاجتمع إليه جيش، فبعث سلمة بن قيس، فقال: سر باسم الله، قاتل فى سبيل الله من كفر بالله، فإذا لقيتم عدوكم من المشركين فادعوهم إلى ثلاث خصال: ادعوهم إلى الإسلام، فإن أسلموا واختاروا دارهم فعليهم فى أموالهم الزكاة، وليس لهم فى فىء المسلمين نصيب، وإن اختاروا أن يكونوا معكم فلهم مثل الذى لكم وعليهم مثل الذى عليكم، وإن أبوا فسلوهم الخراج، فإن أعطوكموه فقاتلوا عدوكم من ورائهم، وفرغوهم لخراجهم، ولا تكلفوهم فوق طاقتهم، فإن أبوا فقاتلوهم، فإن الله ناصركم عليهم، وإن تحصنوا منكم فى حصن فسألوكم أن ينزلوا على حكم الله ورسوله فلا تعطوهم على حكم الله ورسوله، فإنكم لا تدرون ما حكم الله ورسوله فيهم، وإن سألوكم أن ينزلوا على ذمة الله ورسوله فلا تعطوهم ذمة الله وذمة رسوله، وأعطوهم ذمم أنفسكم، فإن قاتلوكم فلا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا.
قال: فلقينا عدونا من المشركين من الأكراد، فدعوناهم إلى ما أمر به أمير المؤمنين من الإسلام، فأبوا، فدعوناهم إلى الخراج فأبوا، فقاتلناهم، فنصرنا عليهم، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية وجمعنا الرثة، فوجد فيها سلمة حقى جوهر، فجعلهما فى سقط، ثم قال:
إن هذا لا يبلغ فيكم شيئا، فإن طابت أنفسكم به لأمير المؤمنين بعثت به إليه، فإن له بردا ومؤونة، فقالوا: نعم، قد طابت أنفسنا، فبعثنى سلمة، يعنى بالخبر والسفط، إلى أمير المؤمنين.
قال: فدفعت إليه ضحى والناس يتغدون وهو متكئ على عصا كهيئة الراعى فى غنمه يطوف فى تلك القصاع يقول: يا يرفاء، زد هؤلاء لحما، زد هؤلاء خبزا، زد هؤلاء
(١) انظر الخبر فى: الطبرى (٤/ ١٨٦- ١٩٠) ، البداية والنهاية لابن كثير (٧/ ١٣٢، ١٣٣) ، الكامل فى التاريخ لابن الأثير (٣/ ٢٥) .