وقد تقدم قبل فى فتح فسا ودرابجرد خبر لرسول سارية بن زنيم شبيه بهذا الخبر، فالله تعالى أعلم.
وذكر الطبرى غزوة سلمة بن قيس هذه فى سنة ثلاث وعشرين، وهى السنة التى قتل عمر، رضى الله عنه، فى آخرها، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر الخبر عن إحرام عمر بن الخطاب، رضى الله عنه إلى حين مقتله
لم يزل عمر، رضى الله عنه، قائما على أمر الله، مجتهدا فيه، مجاهدا لأعدائه متعرفا منه سبحانه، من المعونة والتأييد وجميل الكفاية والعناية والصنع ما وطأ له البلاد ودوخ الممالك، وألقى إليه مقاليد الأمم من الفرس والروم والترك والأكراد وغيرهم من الأمم والأجيال الذين تقدم ذكرهم، وأنجز الله فى مدة خلافته معظم ما وعد به رسوله صلى الله عليه وسلم من الفتوح، وجمع إليه أكثر ما زواه له من الأرض، وتغلغلت جنوده فى الآفاق عند ما أذن لها فى الانسياح، حتى أمرهم آخر إمارته بالإقصار، والكف احتياطا على المسلمين ونظرا للإسلام، وأقبل عند ما أذن لهم فى ذلك على الدعاء، وتتبع آثار العمال بالعيون والنصحاء فى السر والعلانية، وتفقد الناس فى الشرق والغرب، إلى أن أتته منيته المحتومة، بالشهادة المقدرة له فى مصلاه، على ما يأتى الذكر له إن شاء الله تعالى.
وقد ورد فى غير موضع من الآثار ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لاستشهاده مخبرا وداعيا، وهو الداعى المجاب، والصادق المصدوق، صلوات الله وبركاته عليه.
وروى عن عوف بن مالك الأشجعى أنه رأى فى المنام على عهد أبى بكر، رحمه الله تعالى، كأن الناس جمعوا، فإذا فيهم رجل قد علاهم، فهو فوقهم بثلاثة أذرع، قال:
فقلت: من هذا؟ قالوا: عمر، قلت: ولم؟ قالوا: لأن فيه ثلاث خصال: لا يخاف فى الله لومة لائم، وإنه خليفة مستخلف، وشهيد مستشهد، قال: فأتى أبا بكر فقصها عليه، فأرسل أبو بكر إلى عمر ليبشره، قال: فجاء، فقال لى أبو بكر: اقصص رؤياك، فلما بلغت: خليفة مستخلف، زبرنى عمر وانتهرنى، وقال: اسكت، تقول هذا وأبو بكر حى.
قال: فلما كان بعد وولى عمر، مررت بالشام وهو على المنبر، فدعانى فقال: اقصص