للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها عصام، فتحل نطاقها فتجعله عصاما، ثم تعلقها به، فكان يقال لها: ذات النطاق لذلك فيما ذكر ابن إسحاق «١» .

وأما ابن هشام «٢» فذكر أنها إنما يقال لها: ذات النطاقين، وهو المشهور عنها رضى الله عنها، وذكر أنه سمع غير واحد من أهل العلم يفسره بأنها شقت نطاقها باثنين، فعلقت السفرة بواحد وانتطقت بالآخر.

قال ابن إسحاق: فلما قرب أبو بكر الراحلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم له أفضلهما، ثم قال: اركب فداك أبى وأمى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنى لا أركب بعيرا ليس لى.

قال: فهى لك يا رسول الله بأبى أنت وأمى. قالا: لا، ولكن ما الثمن الذى ابتعتها به؟

قال: كذا وكذا. قال: قد أخذتها بذلك. فركبا وانطلقا، وأردف أبو بكر خلفه مولاه عامر بن فهيرة ليخدمهما فى الطريق «٣» .

قال»

: فحدثت عن أسماء بنت أبى بكر قالت: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل، فقالوا: أين أبوك يا ابنة أبى بكر؟ قلت: لا أدرى والله. فرفع أبو جهل يده وكان فاحشا خبيثا فلطم خدى لطمة طرح منها قرطى، ثم انصرفوا فمكثنا ثلاث ليال ما ندرى أين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل رجل من الجن من أسفل مكة يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب، وإن الناس ليتبعونه يسمعون صوته وما يرونه، حتى خرج من أعلى مكة وهو يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتى أم معبد

هما نزلا بالبر ثم تروحا ... فأفلح من أمسى رفيق محمد

ليهن بنى كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

قالت أسماء: فلما سمعنا قوله عرفنا حيث وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن وجهه إلى المدينة «٥» .


(١) انظر: السيرة (٢/ ٩٣) .
(٢) انظر: السيرة (٢/ ٩٣- ٩٤) .
(٣) انظر الحديث فى: صحيح البخارى كتاب الإيجارة (٢٢٦٣) ، مسند الإمام أحمد (٦/ ٤٧٣، ٤٧٥) .
(٤) انظر: السيرة (٢/ ٩٤) .
(٥) انظر الحديث فى: الحاكم فى المستدرك (٣/ ٩، ١٠) ، ابن كثير فى البداية والنهاية (٣/ ١٩٢- ١٩٤) .