للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طبائعهم وتنوعت ألوانهم وتفاوتت مظاهرهم؛ فقد جمعتهم كلمة التوحيد، ووحدة الكتاب العزيز، واتجاههم جميعا إلى قبلة واحدة. فما سلكوا سبيلا، ولا عملوا عملا إلا ابتغوا به إصلاح العالم، وتقويم المجتمع البشريّ، ومواساة بني الإنسان، وإعلاء كلمة الحق، وتقدّم العمران البشريّ نحو السلام، والأمان، ونشر الوئام.

إنّ العالم لا تتمّ هدايته إلا بالمصلح الأخير للدّنيا:

إخواني وخلاني! لقد بينت لكم في هذه المحاضرة ما كان في الرسول الأعظم صلّى الله عليه وسلم من خلال جامعة، وخصال «جامعية» وقد أشرت إلى مظاهرها العديدة، ونواحيها المختلفة، وأخالكم قد ألفيتم ممّا درستم في طبيعة الكون من ألوان مختلفة، وما عرفتم في طبائع البشر من مواهب شتّى وهذه الدّنيا ليست إلا مظهرا من مظاهر الحياة متنوعة الألوان- أنّ العالم لا يمكن أن تكون هدايته إلا بالمصلح الأخير للدّنيا، وهو خاتم رسل الله محمد صلّى الله عليه وسلم؛ الذي اجتمعت فيه خلال الإرشاد كلّها، وخصال الإصلاح للنوع البشري بأجمعه، ولذلك قال له الله عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران: ٣١] فوجه الرسول صلّى الله عليه وسلم الدّعوة إلى كلّ من يدّعي محبة الله بأن يتبعه، ويطيع أمره، ونادى الملوك في ممالكهم، والرّعاع في شوارعهم، والمعلمين في مدارسهم، والتلاميذ في فصولهم، والفقراء في أكواخهم، والأغنياء في قصورهم، كما دعا المظلومين، والمقهورين، والمخذولين، بل أهاب بالعالم كلّه أن يتبعوا سبيله، ويقتفوا أثره؛ لأن سيرته الشريفة هي المثل الأعلى، وفيها الأسوة الكاملة لكلّ من يحبّ الخير، ويبتغي الصلاح لنفسه.

اللهم صلّ وسلّم عليه وآله وصحبه أجمعين.

<<  <   >  >>