للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كفالة الله حفظ الرسالة المحمّديّة لأنها رسالة الحاضر والمستقبل:

أما ما بعث الله به خاتم رسله محمدا صلّى الله عليه وسلم فقد تولى حفظه، وسيبقى محفوظا من كلّ تحريف، أو تصحيف إلى يوم القيامة؛ لأنّه آخر رسالات الله، وسيبقى للبشر ما بقي في الدّنيا بشر، ولذلك أعلن الله صفة الكمال والتمام لهذه الرسالة، ووعد بحفظها، ولم يعلن مثل ذلك، ولم يعد به في أيّ كتاب آخر من كتبه، وأية رسالة من رسالاته، بل على العكس من ذلك نجد النصّ في سفر التثنية من التوراة «١» .

على أنّ رسالة موسى مؤقتة، وأنّ الله باعث غيره بغيرها «يقيم لك الربّ إلهك نبيّا من وسطك- من إخوتك- مثلي، له تسمعون» ، وقال: «أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكلّ ما أوصيه به» «٢» . وقال: «هذه هي البركة «٣» التي بارك بها عبد الله موسى بني إسرائيل قبل موته، فقال: جاء الربّ من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران «٤» ، وأتى من ربوات القدس، بيمينه نار شريعة لهم» . فهذه الآيات من سفر التثنية في التوراة تدلّ على أنّ الله يبعث نبيّا مثل موسى في يمينه نار شريعة ملتهبة، وأنّ الله يلقي في فمه كلاما، فيكلم الناس بكل ما يوحيه الله إليه. وهذا أوضح دليل على أن شريعة موسى لم تكن آخر الشرائع، ولا أدومها إلى يوم القيامة. وهذا النبي أشعيا يبشر ببعثة نبيّ آخر في الإصحاح ٤٠ من السفر المنسوب إليه، وفي سفر ملاخي بشارة برسول من رسل الله، وكذلك سائر أسفار بني إسرائيل والزّبور تدلّ كلّها على أنّ ما كان عندهم لم يكن آخر رسالات الله، ولا اتصفت شريعتهم بالبقاء والدوام. وادرسوا الأناجيل كذلك؛ فإنكم تجدون في إنجيل يوحنا:


(١) التوراة (١٨: ١٥) .
(٢) التوراة (١٨: ١٨) .
(٣) التوراة (٣٣: ١- ٢) .
(٤) برية فاران هي التي سكنتها هاجر وابنها إسماعيل عليه السلام- كما في سفر التكوين (٢١: ٢١) .

<<  <   >  >>