للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرَّحِيمُ (٢٢) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣) هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الحشر: ٢٢- ٢٤] .

فالله واحد وإن كثرت أسماؤه، وتعدّدت صفاته، وهذه الكثرة ليست في ذاته بل في صفاته، وإنّما علمنا ذاته الواحدة الموصوفة بالصفات الكثيرة بسبب رسالة محمّد صلّى الله عليه وسلم. أما الأديان الآخرى فقد جعل أتباعها الله الواحد آلهة متعددة بتعدّد صفاته، فسبحان الله عما يشركون.

وقد بين الإسلام وأحسن البيان بأنّ القدوس، والخالق، والملك، والمؤمن، والجبار، والعزيز، والمصور، والرحمن، والرحيم هو الله ليس غير.

فساد الأديان بسبب تعديد أهلها للفاعل بتعدّد أفعاله:

والمنشأ الثالث للشرك كثرة أفعال الله، وتنوّع شؤونه.

وحين رأوا أنّ الله تصدر عنه ضروب من الأعمال حسبوا أنّها تصدر عن مصادر متعددة، وأنّ لها فاعلين كثيرين، فحملهم فساد رأيهم على أن جعلوا لكلّ عمل عاملا مستقلّا، فاعتقدوا أن الذي يحيي غير الذي يميت، ومن يحبّ العباد غير الذي يبغضهم، فاتخذوا إلها للعلم، وإلها للثروة والرزق، فتعدّد الواحد بذلك، وصارت الآلهة بعدد الأفعال، أما الإسلام؛ فقد أخبر بأنّ الأفعال وإن كانت كثيرة فإنّ الفعّال هو الله الواحد، العزيز، المتعال.

إنّ جميع ما في الدّنيا من الأعمال ينقسم إلى قسمين: الخير، والشر.

وقد عجب الذين زاغت بصائرهم كيف أن الواحد يفعل فعلين متضادّين، فذهبوا إلى أن من يصدر عنه الخير لا يأتي منه ضدّه، فعبد أتباع زردشت إلهين اثنين أحدهما للخير، والآخر للشر، وسموا مسدي الخير (يزدان) ومصدر الشر (أهرمن) وتصوروا أنّ هذا العالم ساحة حرب يعترك فيها هذان القرنان المتصارعان. وما حملهم على هذا الفساد في العقيدة إلا خطؤهم في فهم الخير والشر.

<<  <   >  >>