للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«الصّادقة» .. ثم قال: وأما الصادقة فهي صحيفة ما كتبت فيها إلا ما سمعت أذناي من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ويقول مجاهد: رأيت عند عبد الله بن عمرو كتابا، فسألته: ما هذا؟ فقال: هذه «الصّادقة» فيها ما سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليس في ذلك بيني وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحد «١» .

وفي صحيح البخاري: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم أمر بعد هجرته إلى المدينة أن يحصى له كم عدد الذين يلفظون بالإسلام، فأحصوا، فكان عددهم خمسمئة وألفا. وأمر صلّى الله عليه وسلم، فكتبت أحكام الزكاة، وما تجب فيه، ومقادير ذلك، فكتبت مشروحة مفصلة في صفحتين، وبعث بصورة ذلك إلى أمراء البلاد وولاتها، وبقيت محفوظة في بيت أبي بكر الصديق، وأبي بكر بن عمرو بن حزم «٢» . وكان عند عمال الزكاة رسائل فيها أحكام الزكاة. وكان عند عليّ صحيفة في قراب سيفه، كتبت فيها أحاديث تتعلق بالأحكام، ورآها الناس لما سألوه عن ذلك «٣» .

وفي هدنة الحديبية التي كانت بين المسلمين ومشركي قريش أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليّا، فكتب كتاب الهدنة في نسختين أعطى المشركين نسخة منها وبقيت النسخة الآخرى عند النبي صلّى الله عليه وسلم «٤» .

ولما ولّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن حزم اليمن، وبعثه إليها؛ أعطاه أحكاما مكتوبة في الفرائض والصدقات والدّيات «٥» وتلقّى عبد الله بن حكيم


- اشتملت على ألف حديث كما يقول ابن الأثير ( «في أسد الغابة» ٣/ ٢٣٣) ، وإذا لم تصل هذه الصحيفة- كما كتبها عبد الله بن عمرو بخطه فقد وصل إلينا محتواها، لأنها محفوظة في مسند الإمام أحمد [انظر مسند عبد الله بن عمرو بن العاص في مسند أحمد] ، حتى ليصح أن نصفها بأنها أصدق وثيقة تاريخية تثبت كتابة الحديث على عهد الرسول صلّى الله عليه وسلم.
(١) طبقات ابن سعد ٢/ ٢: ١٢٥.
(٢) الدارقطني في كتاب الزكاة ٢٠٩.
(٣) البخاري (١٠٨٤ و: ١٠٢٠) .
(٤) ابن سعد في المغازي، ص ٧١.
(٥) كنز العمال، الجزء الثالث، ص ١٨٦.

<<  <   >  >>