للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلمنا فيما سبق على استعمال الحق وأداء الواجب فلا يفيد القول فيه، وبقى بعد ذلك أن نتكلم على سراية القود.

٣٢٣- سراية القود: إذا اقتص شخص من طرف الجانى فسرى القصاص إلى نفس الجانى ومات فلا مسئولية على المقتص عند مالك والشافعى وأحمد، لأن السراية من فعل مأذون فيه ولا عقوبة عليه وما تولد عن المأذون فيه يعتبر مأذونًا فيه ضمنًا فلا عقاب عليه، وبذلك قضى عمر وعلى رضى الله عنهما، فعندهما أن من مات من حد أو قصاص لا دية له. وشأن القصاص شأن الحد فى السرقة، فإنه قطع مستحق مقدر، فإذا لم تضمن سرايته فى السرقة فلا تضمين فى القصاص.

ويرى أبو حنيفة أن من قطع طرف آخر قصاصًا فمات من ذلك ضمن ديته لأنه استوفى غير حقه إذ حقه القطع، وهو قد أتى بالقتل، لأن القتل اسم لفعل يؤثر فى فوات الحياة عادة وقد وجد، وكأن القياس أنه يجب القصاص، إلا أنه سقط للشبهة الناشئة عن استحقاق الطرف فدرئ القصاص ووجبت الدية. ويرى أبو حنيفة أن الأمر فى إقامة حد السرقة لا يختلف عن هذه الحالة إلا أن الضرورة إلى عدم إيجاب الضمان على الإمام؛ لأن إقامة الحد واجب عليه، والتحرز عن السراية ليس فى وسعه، فلو أوجب عليه الضمان لامتنع الأئمة عن إقامة الحدود، وفى تعطيل الحدود إخلال بالنظام العام، أما القطع قصاصًا فليس بواجب على مستحق القصاص دائمًا لأنه حقه وهو حر بالخيار فيه، إن شاء قطع وإن شاء عفا، والأولى به العفو لأن الله قد ندب إليه، فليس ثمة ضرورة توجب إسقاط الضمان. ويرى أبو يوسف ومحمد أن لا ضمان على المقتص (١) .

٣٢٤- السراية إلى ما دون النفس: إذا كان الفعل مباحًا أو مأذونًا فيه فسرى إلى ما دون النفس، كأن قطع إصبعًا قصاصًا فشُلَّت اليد، أو ضرب زوجته


(١) الشرح الكبير ج٩ ص٤٧٣ , بدائع الصنائع ج٧ ص٣٠٥ , المهذب ج٢ ص٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>