للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ذراعها فأتلفه، فالحكم هو ما ذكر فى السراية إلى النفس على الاختلاف والوفاق الذى ذكر من قبل.

أما إذا كان الفعل غير مباح ولا مأذون فيه، فيفرق بين ما إذا كانت السراية لمعنًى أو لعضو.

٣٢٥- السراية لمعنى: إذا كان الاعتداء على طرف فسرى إلى طرف آخر فأذهب معناه مع بقاء الطرف الآخر سليمًا، فالحكم يختلف بحسب ما إذا كان فعل الجانى يجوز فيه القصاص أو لا يجوز.

فإذا كان يجوز فيه القصاص كما لو شجه مُوضحة فأذهب بصره، فيرى مالك والشافعى وأحمد (١) أن يقتص من الشجة فإن ذهب البصر بالقصاص من الشجة فقد أخذ المجنى عليه حقه، وإن لم يذهب عولج علميًا بما يزيل الإبصار دون جناية على الحدقة، فإن لم يزل الإبصار مع ذلك ففيه الدية.

ويرى أبو حنيفة أن لا قصاص فى الشجة ولا فى البصر وفيهما الأرش، ويرى محمد وأبو يوسف القصاص فى الموضحة والدية فى الإبصار. وهناك رواية أخرى عن محمد عن ابن سماعة فى نوادره بأن القصاص يجب فى الفعل والمعنى كلما أمكن القصاص فى المعنى فإن لم يكن القصاص فى المعنى ممكنًا اقتص من الفعل فقط وفى المعنى الدية، وحجته أن السراية تولدت من جناية يقتص فيها إلى عضو يمكن فيه القصاص، فوجب القصاص كما إذا سرى إلى النفس، أما حجة أبى يوسف فى عدم القصاص من المعنى بأن تلف المعنى حدث من طريق التسبب ولى بالسراية، لأن الشجة تبقى بعد ذهاب البصر، وحدوث السراية يوجب تغيير الجناية، كالقطع إذا سرى إلى النفس فإنه لا يبقى قطعًا بل يعتبر قتلاً، وهنا الشجة لم تتغير فدل ذلك على أن ذهاب البر ليس من طريق السراية بل من طريق التسبب، والجناية بالتسبب لا توجب القصاص (٢) .


(١) مواهب الجليل ج٦ ص٢٤٨ , نهاية المحتاج ج٧ ص٢٧٢ , المغنى ج٩ ص٤٣٠.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>