للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيزول رضاه أو يفسد اختياره (١) . ويعرف بأنه ما يفعل بالإنسان مما يضر أو يؤلمه (٢) .

ويرى البعض أن حد الإكراه هو أن يهدد المكرَه قادر على الإكراه بعاجل من أنواع العقاب يُؤثر العاقل لأجله الإقدام على ما أُكره عليه وغلبت على ظنه أنه يفعل به ما هدد به إذا امتنع مما أكرهه عليه (٣) .

والإكراه فى الشريعة على نوعين: نوع يعدم الرضاء ويفسد الاختيار، وهو ما خفيف فيه تلف النفس، ويسمى إكراهًا تامًا أو إكراهًا ملجئًا. ونوع يعدم الرضاء أو يفسده ولكنه لا يؤثر على الاختيار، وهو ما لا يخاف فيه التلف عادة كالحبس والقيد والضرب الذى لا يخشى منه التلف ويسمى إكراهًا ناقصًا أو إكراهًا غير ملجئ (٤) .

والإكراه التام يؤثر فيما يقتضى الرضاء والاختيار معًا كارتكاب الجرائم، فمن أكره على جريمة قتل مثلاً ينبغى أن يكون الإكراه الواقع عليه بحيث يعدم رضاه ويفسد اختياره، أما الإكراه الناقص فلا يؤثر إلا على التصرفات التى تحتاج إلى الرضاء كالإقرار والبيع والإجارة وما أشبه.

٤٢٨- ويرى بعض الفقهاء فى مذهب أحمد - ورأيهم مرجوح - أن الإكراه يقتضى شيئًا من العذاب مثل الضرب والخنق وعصر الساق وما أشبه وأن التوعد بالعذاب لا يكون إكراهًا.

ويستدلون على ذلك بقصة عمار بن ياسر حين أخذه الكفار فأرادوه على الشرك بالله فأبى عليهم فلما غطوه فى الماء حتى كادت روحه تزهق أجابهم إلى ما طلبوا، فانتهى إليه النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو يبكى فجعل يسمح الدموع من عينيه ويقول: "أخذك المشركون فغطوك فى الماء وأمروك


(١) البحر الرائق ج٨ ص٧٩.
(٢) مواهب الجليل ج٤ ص٤٥.
(٣) أسنى المطالب وحاشية الشهاب الرملى ج٣ ص٢٨٢.
(٤) البحر الرائق ج٨ ص٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>