للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تشرك بالله ففعلت، فإن أخذوك مرة أخرى فافعل ذلك بهم" ويستدلون بما قاله عمر رضى الله عنه: ليس الرجل أمينًا على نفسه إذا أجعته أو ضربته أو أوثقته فهؤلاء يرون أن الإكراه يستلزم فعلاً ماديًا يقع على المكرَه فيحمله على إتيان ما أكره عليه، فإن لم يكن الإكراه ماديًا وسابقًا على الفعل الذى يأتيه المكرَه فلا يعتبر الفاعل مكرهًا فى رأيهم (١) .

٤٢٩- ويرى أصحاب الرأى الراجح فى مذهب أحمد ما يراه مالك وأبو حنيفة والشافعى من أن الوعيد بمفرده إكراه، وأن الإكراه لا يكون غالبًا إلا بالوعيد بالتعذيب أو بالقتل أو بالضرب أو بغير ذلك، أما ما مضى من العقوبة فإنه لا يندفع بفعل ما أكره عليه، ولا يخشى منه شيئًا بعد وقوعه، إنما الخشية والخوف مما يهدد به، فإذا وقع الفعل المهدد به انتهت الخشية وذهب الخوف، فالذى يندفع إذن بإتيان الفعل المكرَه عليه وهو ما يتوعد به من العقوبة أو التعذيب لا ما وقع منها فعلاً (٢) .

وعلى هذا فالإكراه يصح أن يكون ماديًا ويصح أن يكون معنويًا، والإكراه المادى هو ما كان التهديد والوعيد فيه واقعًا، أما الإكراه المعنوى فهو ما كان الوعيد والتهديد فيه منتظر الوقوع.

شروط الإكراه: يشترط لوجود الإكراه توفر الشروط الآتية، فإن لم تتوفر فلا يعتبر الإكراه قائمًا ولا يعتبر المقر مكرهًا:

٤٣٠- أولاً: أن يكون الوعيد مما يستضر به بحيث يعدم الرضاء أو يفسده: كالضرب والحبس والقيد والتجويع، فإذا لم يكن لتنفيذ الوعيد أثر على الرضاء انتفى وجود الإكراه، وتقدير الوعيد الذى يستضر به مسألة موضوعية تختلف باختلاف الأشخاص والأسباب المكره عليها، فقد يكون الشئ إكراهًا


(١) المغنى ج٨ ص٢٦٠ , الشرح الكبير ج٨ ص٢٤٣.
(٢) المغنى ج٨ ص٢٦١ , البحر الرائق ج٨ ص٨٠ , أسنى المطالب ج٣ ص٢٨٢ , ٢٨٣ , مواهب الجليل ج٣ ص٤٥ , ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>