للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى حق شخص دون آخر وفى سبب دون آخر، فبعض الأشخاص قد لا يتضرر من الضرب عدة أسواط، والبعض قد يتضرر من ضربة سوط واحد، بل قد يتضرر من صفعة أو فرك أذن، والبعض قد يرحب بمكثه فى السجن أمدًا طويلاً والبعض قد يضره ضررًا كبيرًا بقاؤه فى السجن ليلة واحدة.

ويعتبر الوعيد إكراهًا إذا وجه لنفس المكره، وهذا متفق عليه، فإذا وجه لغيره فهناك اختلاف؛ فيرى المالكية أن الوعيد إكراه ولو وقع على أجنبى (١) . ويرى بعض الحنفية أن الوعيد ليس إكراهًا إذا وقع على غير المكره، ولكن بعضهم يرى أنه إكراه إذا وقع على الولد أو الوالد أو على ذى رحم محرم، وهذا يتفق مع رأى الشافعية (٢) ، ويرى الحنابلة أن الوعيد إكراه إذا وقع على الابن أو الأب (٣) .

وليس من الضرورى أن يكون الإكراه بالوعيد بالإيذاء المادى، بل يكفى لوجود الإكراه الوعيد بالمنع من استعمال الحقوق، فمن يمنع زوجته من زيارة أهلها إلا إذا أقرت بجريمة، ومن يمنع ابنته من الزفاف أو الذهاب إلى دار الزوجية إلا إذا اعترفت بجريمة فإنه يحملها على الإقرار كرهًا (٤) .

كذلك من يمنع عن آخر طعامه أو شرابه حتى يقر بجريمة فإنه يعتبر مكرهًا فى إقراره. وأمر صاحب السلطان يعتبر فى ذاته إكراهًا دون حاجة إلى اقترانه بالوعيد أو التهديد، وأمر غيره إكراهًا إلا إذا كان المأمور يعلم أنه إن لم يطع وقعت عليه وسائل الإكراه (٥) .

وأمر الزوج لزوجته فى حكم أمر السلطان إن كانت تخشى الأذى إذا لم


(١) مواهب الجليل ج٤ ص٤٥.
(٢) حاشية ابن عابدين ج٥ ص١١٠ , أسنى المطالب وحاشية الشهاب ج٣ ص٢٨٣.
(٣) الإقناع ج٤ ص٤.
(٤) حاشية ابن عابدين ج٥ ص١٢٠.
(٥) حاشية ابن عابدين ج٥ ص١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>