للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه ليس فى الوعيد غير الحال ما يحمله على المسارعة بتلبية طلب المكره ويرجع فى تقدير ما إذا كان الوعيد حالاً أو غير حالًّ إلى ظروف المكره وإلى ظنه الغالب المبنى على أسباب معقولة، ويعتبر الوعيد حالاً كلما عجز المكره عن الهرب والمقاومة والاستغاثة بغيره إلى غير ذلك من أنواع الدفع (١) .

وإذا كان الوعيد بأمر آجل فإنه لا يعتبر إكراهًا كقوله: لأضربنك غدًا إن لم تقر بكذا أو تفعل كذا. ولكن الأذرعى من فقهاء الشافعية يرى أن فى النفس من هذه المسالة شيئًا وأنه إذا غلب على ظن المقر إيقاع ما هدد به لو لم يفعل فإنه يعتبر مكرهًا ولاسيما إذا عرف أن من عادة المهدد إيقاع ذلك الوعيد (٢) .

٤٣٢- ثالثًا: أن يكون المكره قادرًا على تحقيق وعيده: لأن الإكراه لا يتحقق إلا بالقدرة فإن لم يكن المكره قادرًا على فعل ما هدد به فلا إكراه، ولا يشترط فى المكره أن يكون ذا سلطان كحاكم أو موظف؛ لأن العبرة بالقدرة على الفعل المهدد به لا بصفة المكره (٣) .

٤٣٣- رابعًا: أن يغلب على ظن المكرهَ أنه إذا لم يجب إلى ما دعى إليه تحقق ما أوعد به: فإن كان يعتقد أن المكره غير جاد فيما أوعد به أو كان يستطيع أن يتفادى الوعيد بأى طريقة كانت ثم أتى الفعل بعد ذلك فإنه لا يعتبر مكرهًا، ويجب أن يكون ظن المكره مبنيًا على أسباب معقولة (٤) .

٤٣٢- حكم إقرار المكرَه: وإذا توفر الإكراه على الوجه السابق وأقر المكره على نفسه بجريمة فإن إقراره يكون باطلاً ولا يؤخذ به لقوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل:١٠٦] ولقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "رفع عن أمتى


(١) أسنى المطالب ج٣ ص٢٨٢ , المغنى ج٨ ص٢٦١ , حاشية ابن عابدين ج٥ ص١٠٩.
(٢) أسنى المطالب وحاشية الشهاب الرملى ج٣ ص٢٨٣.
(٣) حاشية ابن عابدين ج٥ ص١٠٩ , المغنى ج٨ ص٢٦١ , أسنى المطالب ج٣ ص٢٨٢.
(٤) أسنى المطالب ج٣ ص٢٨٢ , المغنى ج٨ ص٢٦١ , حاشية ابن عابدين ج٥ ص١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>