للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ولأنه قول أكره عليه بغير حق، والأصل أن العاقل لا يتهم بقصد الإضرار بنفسه، فإذا أقر مختارًا قُبل إقراره لانتفاء التهمة ولوجود الداعى إلى الصدق، ولكن إذا اُكره الشخص على الإقرار فأقر فإنه يغلب على الظن أنه قصد بإقراره دفع ضرر الإكراه فانتفى ظن الصدق فلم يقبل إقراره، فإذا أقر بقتل أو قطع أو سرقة أو غير ذلك تحت تأثير الإكراه لم يجب عليه بإقراره عقاب (١) لاحتمال كذب الإقرار ومما يؤثر فى هذا الباب قول عمر رضى الله عنه: "ليس الرجل أمينًا على نفسه إذا أجعته أو ضربته أو أوثقته" أو على حسب ما يرويه البعض: "ليس الرجل على نفسه بأمين إن جوَّعت أو خوَّفت أو أوثقت ومما يؤثر عن شريح أنه كان يقول: "القيد كره، والسجن كره، والوعيد والضرب كره" (٢) ، ويؤثر عن ابن شهاب أنه قال فى رجل اعترف بعد جلده: ليس عليه حد (٣) .

وإذا أقر فى حال الإكراه بغير ما أكره مثل أن يكره على الإقرار بجريمة ما فيقر بأخرى فإقراره فيما يتعلق بهذه الجريمة الأخرى صحيح لأنه أقر بما لم يكره عليه فصح كما لو أقر به ابتداء دون إكراه (٤) .

أما إقراره بالجريمة التى أكره على الإقرار بها فهو إقرار باطل لا يؤخذ به، إلا أن يقر ثانية بالجريمة بعد إخلاء سبيله وهو مختار غير مكره فإنه يؤخذ بإقراره الجديد (٥) .

٤٣٥- والإقرار الصادر تحت تأثير الإكراه باطل ولو قامت الدلائل على صحته، كأن يرشد السارق عن المسروقات أو القاتل عن جثة القتيل، فإذا


(١) حاشية ابن عابدين ج٥ ص١٢٠ , البحر الرائءق ج٨ ص٨٠ , المغنى ج١٠ ص١٧٢ , ج٥ ص٢٧٢ , ٣٧٣ , أسنى المطالب ج٢ ص٢٩٠ وما بعدها , مواهب الجليل ج٤ ص٤٤ , ٤٥.
(٢) المبسوط للسرسخى ج٩ ص١٨٥.
(٣) المغنى ج١٠ ص١٧٢.
(٤) المغنى ج٥ ص٢٧٣.
(٥) حاشية ابن عابدين ج٥ ص١٢٠ , بدائع الصنائع ج٧ ص١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>