للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استمر على إقراره بعد أن أصبح فى أمن من الإكراه اعتبر استمراره إقرارًا جديدًا، وهذا متفق عليه إلا من القائلين فى مذهب مالك بصحة إقرار المكره، وما يؤثر فى هذا الباب أن الحسن بن زياد الفقيه الحنفى قال بجواز ضرب السارق حتى يقر، ضربًا لا يقطع اللحم ولا يبين العظم، وأفتى مرة بهذا ثم ندم وأتبع السائل إلى باب الأمير فوجده قد ضرب السارق حتى أقر بالمال المسروق وجاء به، ومع ذلك فقد خرج المحسن بن زياد وهو يقول: ما رأيت جورًا أشبه بالحق من هذا (١) .

٤٣٦- ويرى بعض الفقهاء فى مذهب الشافعى أنه إذا ضرب ليقر فهذا إكراه، أما إذا ضرب ليصدق فى القضية فأقر حال الضرب أو بعده فإقراره صحيح ولا يعتبر مكرهًا، لأن المكره من أكره على شئ واحد وهو هنا إنما ضرب ليصدق ولا ينحصر الصدق فى الإقرار، ولكن أصحاب هذا الرأى يكرهون مع هذا أن يلزم المقر بإقراره إلا بعد أن يراجع ويقر ثانيًا من غير أن يضرب أو يهدد. ويؤخذ على أصحاب هذا الرأى تمسكهم بالإقرار الثانى مع أن هذا الإقرار الثانى فيه نظر إذا غلبت على ظنه أنه إذا أنكر أعيد ضربه، والرأى الراجح فى المذهب هو عدم قبول الإقرارين لأنهما صادران من مكره (٢) .

٤٣٧- ومن ادعى الإكراه لا تقبل دعواه لمجرد ادعائه؛ لأن الأصل عدم الإكراه، إلا أن تكون هناك قرينة على صحة الادعاء، كالقيد والحبس والقبض والوضع تحت الحراسة، فى مثل هذه الحالات تقبل دعوى الإكراه ولمن يدعيه أن يثبته، ويستوى فى هذه الحال أن يكون القبض والحبس والقيد بحق أو بغير حق، كحالة الحبس الاحتياطى، وكحالة القبض بغير حق (٣) .


(١) المبسوط للسرخسى ج٩ ص١٨٠.
(٢) أسنى المطالب ج٢ ص٢٩٠ , ٢٩١.
(٣) أسنى المطالب ج٢ ص٢٩٩ , المغنى ج٥ ص٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>