للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٤١- ومن يشترط الشاهدين فيما يوجب القصاص لا يفرق بين القصاص فى النفس والقصاص فيما دون النفس، ويوجب فى إثبات الجريمة الموجبة للقصاص مطلقًا شهادة رجلين عدلين، إلا مالكًا فإنه لا يوجب شهادة العدلين إلا فى القصاص فى النفس فقط، أما إذا كان القصاص فيما دون النفس فيجيز مالك إثبات الجريمة الموجبة للقصاص بشاهد واحد ويمين المجنى عليه، ولا يقيس مالك الجراح بالأموال وإنما هو مبدأ أخذ به لأنه استحسنه، وقد سئل ابن القاسم فى هذا فقيل له: لم قال مالك ذلك فى جراح العمد وليست بمال؟ قال: قد كلمت مالكًا فى ذلك فقال: إنه شئ استحسناه، وما سمعت فيه شئيًا (١) .

ويرى بعض الفقهاء فى مذهب مالك جواز شهادة المرأتين ويمين المدعى فى جراح العمد، ولا يرى البعض ذلك (٢) .

والشاهدان اللذان تثبت بشهادتهما الجريمة الموجبة للقصاص ليس أحدهما المجنى عليه، فإذا كان شاهد واحد والمجنى عليه لم يكمل نصاب الشهادة لأن المجنى عليه يعتبر مدعيًا لا شاهدًا وأقواله تصلح لَوْثًا أى قرينة ولكنها لا تقوم مقام الشهادة.

أما فى حالة إثبات الجريمة الموجبة للقصاص فيما دون النفس بشاهد ويمين المجنى عليه تبعًا لرأى مالك فإن الجريمة تثبت بشهادة الشاهد الواحد ولا يعتبر المجنى عليه شاهدًا ثانيًا ولو أنه يؤدى اليمين لأنه لا يسأل كشاهد، وإنما يحلف اليمين على صحة شهادة الشاهد، فاليمين مقصود بها تقوية شهادة الشاهد.

وهناك من الفقهاء من لا يشترط نصابًا معينًا فى الشهود فيكفى عنده لإثبات الجريمة الموجبة للقصاص أن يشهد بها شاهد واحد إذا رجح القاضى صدق شهادته (٣) ، والذين يشترطون شهادة رجلين فى إثبات الجريمة الموجبة للقصاص


(١) مواهب الجليل ج٦ ص٢٧٥ , شرح الزرقانى ج٨ ص٥٩.
(٢) تبصرة الحكام ج١ ص٢٤١.
(٣) الطرق الحكمية ص٦٦ - ٧٨ , طرق الإثبات الشرعية ص١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>