للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجيزون إثبات الجريمة بأقل من ذلك ولو عفا المجنى عليه أو وليه عن القصاص إلى الدية وهى مال، وما يوجب المال يثبت بشهادة رجل وامرأتين، وبشهادة رجل ويمين المدعي؛ على التفصيل الذى سنذكره فيما بعد، وحجتهم أن الواجب بالجناية أصلاً هو القصاص لا الدية وإنما وجبت الدية بالعفو أو الصلح والعفو والصلح كلاهما حق ثابت للمجنى عليه أو وليه، أما طريقة الإثبات فليست من حقه بل هى حق الجماعة، وهذا لا يؤدى العفو أو الصلح فى العمد إلى جواز الإثبات بما يثبت به المال، وفضلاً عن ذلك فإنه يجب أن يثبت للمجنى عليه حق القصاص قبل كل شئ حتى يثبت له العفو أو الصلح عن هذا الحق (١) .

٤٤٢- الجرائم التى توجب تعزيرا بدنيًا: إذا أوجبت الجريمة التعزير البدنى مع القصاص فيشترط فى إثباتها ما يشترط فى إثبات الجريمة الموجبة للقصاص، وقد بينا ما يشترطه الفقهاء على اختلاف وجهات نظرهم.

أما إذا أوجبت الجريمة التعزير البدنى دون القصاص فيرى الشافعى وأحمد أن الجريمة لا تثبت إلا بما تثبت به الجريمة الموجبة للقصاص أى بشهادة رجلين عدلين؛ لأن العقوبات البدنية خطيرة فيجب الاحتياط فيها بقدر الإمكان فلا تثبت بما تثبت به الأموال من شهادة رجل وامرأتين وشهادة رجل ويمين المجنى عليه (٢) .

٤٤٣- والأصل عند مالك أن العقوبات البدنية لا تكون إلا بشهادة رجلين ولكنه أجاز فى إثبات الجريمة الموجبة للقصاص فيما دون النفس أن تثبت بشهادة رجل واحد ويمين المجنى عليه، وأوجب على الجانى فى الوقت نفسه عقوبة التعزير مع عقوبة القصاص (٣) .

ومعنى هذا أن عقوبة التعزير البدنية تثبت والجريمة الموجبة لها بشاهد ويمين المدعى، ويمكن القول بأن القصاص أشد من التعزير فإذا تبتت الجريمة الموجبة


(١) أسنى المطالب ج٤ ص١٠٥ , المغنى ج١٠ ص٤٢.
(٢) أسنى المطالب ج٤ ص٣٦٠ , الإقناع ج٤ ص٤٤٥.
(٣) مواهب الجليل ج٦ ص٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>