للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى بعض الحنابلة أن الجناية سواء أوجبت القصاص أو غير القصاص لا تثبت بشهادة رجل وامرأتين ولا بشهادة رجل واحد ويمين المدعى، وإنما تثبت بشهادة رجلين كما يثبت القصاص والحدود، فلا معنى للتفرقة بين جنايتين ومن نوع تقعان على آدمى (١) .

ويرى المالكيون أن الجرائم التى توجب عقوبة مالية تثبت بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين أو شهادة رجل واحد ويمين المدعى أو شهادة امرأتين ويمين المدعى (٢) .

٤٤٦- ويختلف رأى الشافعى وأحمد عن رأى مالك فى أن مالكًا يجيز شهادة المرأتين واليمين ولا يجيزها الشافعى وأحمد. وحجة مالك أن المرأتين أقيمتا مقام الرجل فى الأموال فيقاما مقامه فيما يوجب المال من الجرائم. وحجة الشافعى وأحمد أن البينة على المال إذا خلت من رجل لم تقبل كما لو شهد أربع نسوة، وأن شهادة المرأتين ضعيفة فقويت بشهادة الرجل معهما، واليمين ضعيفة فلو شهدت المرأتان مع اليمين لضم ضعيف إلى ضعيف (٣) .

٤٤٧- ويرى أبو حنيفة وأصحابه أن ما يوجب المال يثبت بشهادة رجلين أو بشهادة رجل وامرأتين ولا يثبت بشاهد ويمين ولا بامرأتين ويمين (٤) ، وحجتهم أن الله تعالى قال: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة:٢٨٢] فمن زاد على ذلك فقد زاد على النص والزيادة فى النص نسخ، ولأن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "البينة على المدعى واليمين على من أنكر" فحصر اليمين فى جانب المدعى عليه كما حصر البينة فى جانب المدعى. ويرد على الحنفيين بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشاهد الواحد واليمين وأن الزيادة فى النص ليست نسخًا وإنما هى تعزير له، وأن الحكم بالشاهد واليمين لا يمنع الحكم بالشاهدين ولا يرفعه وأن الآية واردة فى شهادة التحمل لا فى شهادة الأداء ولذا قال تعالى:


(١) المغنى ج١٠ ص٤٢ , المغنى ج١٢ ص٩.
(٢) تبصرة الحكام ج١ ص٢٤١.
(٣) المغنى ج١٢ ص١٣.
(٤) حاشية ابن عابدين ج٤ ص٥١٥ , ٥١٦ , حاشية الطهطاوى ج٣ ص٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>