للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللوث عند مالك والشافعى هو أمر ينشأ عن غلبة الظن بصدق المدعى (١) ، أو هو قرينة توقع فى القلب صدق المدعى (٢) ، كوجود جثة القتيل فى محلة أعدائه، أو تفرق جماعة عن قتيل، أو رؤية المتهم على رأس القتيل ومعه سكين، وقول واحد ممن تقبل شهادته لوث.

وهناك خلاف بين المالكية والشافعية على ما يعتبر لوثًا، فالمالكية يعتبرون ادعاء المجنى عليه على المتهم قبل وفاته لوثًا ولا يعتبره الشافعيون كذلك، والإشاعة المتواترة لوث عند الشافعيين وليست كذلك عند المالكيين (٣) .

واللوث عند أحمد على الرواية المرجوحة هو العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه، كنحو ما بين الأنصار ويهود خيبر، وما بين القبائل والأحياء وأهل القرى الذين بينهم الدماء والحروب، وما بين أهل العدل وما بين الشرطة واللصوص، وكل من بينه وبين المقتول ضغْنٌ يغلب على الظن أنه قتله.

واللوث على الرواية الراجحة هو ما يغلب على الظن صدق المدعى كالعداوة المذكورة سابقًا، وكأن يتفرق جماعة عن قتيل فيكون ذلك لوثًا فى حق كل واحد منهم، وكأن يزدحم الناس فى مضيق فيوجد فيهم قتيل، وكأن يوجد قتيل ولا يوجد بقربه إلا رجل معه سيف أو سكين ملطخ بالدم ولا يوجد غيره ممن يغلب على الظن أنه قتله، وهذا الرأى الثانى موافق لما يراه مالك والشافعى (٤) ، وتعدد اللوث لا يمنع من القسامة كما لو قال المجنى عليه قبل موته قتلنى فلان، وكان هناك شاهد عدل يشهد بأنه رأى المتهم يقتل المجنى عليه فالقسامة واجبة مع تعدد اللوث ولا ينفى تعدد اللوث عنها إلا عند من يأخذون بالقرائن ويرونها كافية وحدها لإثبات الجريمة (٥) ، وإذا وجد قتيل ولم يكن لوث فلا قسامة عند مالك والشافعى وأحمد وإن عين أولياء القاتل، والدعوى فى هذه الحالة كسائر الدعاوى إن كانت بينة


(١) شرح الزرقانى ج٨ ص٥٠.
(٢) أسنى المطالب ج٤ ص٩٨.
(٣) نهاية المحتاج ج٧ ص٦٩ , ٣٧١ , شرح الزرقانى ج٨ ص٥٠ , ٥٥.
(٤) المغنى ج١٠ ص٧ , ١٢.
(٥) شرح الزرقانى ج٨ ص٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>