للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم للمدعين بها وإن كان إقرار حكم به وإلا فالقول قول المنكر، وهذا يخالف مذهب أبى حنيفة الذى يرى القسامة بوجود الجثة وبها أثر القتل.

٤٥٩- وإذا أدعى أولياء القتيل القتل ولم توجد الجثة فى محل المدعى عليهم ولم تكن عداوة ولا لوث فلا قسامة عند الجميع. ويرى البعض فى هذه الحالة أن لا يحلف المدعى عليه. وحجة القائلين بهذا أن الدعوى لا يقضى فيها بالنكول فلا يستحلف فيها كالحدود، ويرى البعض أنه يستحلف والقائلون بهذا يحتجون بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه" ويرون أن النص يوجب اليمين لعمومه وأن النص صريح فى انطباقه على دعوى القتل حيث يقول: "لادعى قوم دماء رجال وأموالهم" وادعاء الدماء هو ادعاء القتل. والقائلون بهذا يختلفون، فبعضهم يرى أن يحلف المدعى عليه يمنًا واحدة وهو الرأى الراجح، والبعض يرى أن يحلف خمسين يمينًا وهو الرأى المرجوح. فإن نكل المدعى عليه عن اليمين فيرى البعض أنه لا يجب عليه شئ بنكوله، ويرى البعض أن النكول لا يجب به غير الدية، ويرى البعض أن ترد اليمين على المدعى إذا نكل المدعى عليه فتكون قسامة ويحلف المدعون خمسين يمينًا؛ لأن النكول يعتبر لوثًا فى هذه الحالة فتتوفر شروط القسامة (١) .

٤٦٠- وظاهر مما سبق أن القسامة تكون عند مالك والشافعى إذا علم القاتل وانعدمت البينة المثبتة للقتل وكان لوث، فإن كانت بينة تثبت القتل أو كان إقرار فلا قسامة، ومعنى هذا أن القسامة عندهم دليل خاص مثبت للقتل إذا انعدم دليله الأصيل.

ويختص مالك بنوع من القسامة يوجبه مع توفر الدليل على القتل، وذلك فى حالة ما إذا أصيب المجنى عليه فى جريمة القتل فلم يمت فى الحال واستمر وقتًا ما يأكل ويشرب ويتكلم ثم مات بعدها فتجب القسامة على أولياء القتيل يحلفون


(١) المغنى ج ١٠ ص٣ , ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>