بالله أن القتيل مات من إصابته. وهذا النوع من القسامة ليس إلا دليلاً من نوع خاص على أن الوفاة نشأت عن الإصابة، وليس له معنى فى عصرنا الحاضر بعد أن أصبح الأطباء قادرين على تعيين سبب الوفاة.
أما القسامة عند أبى حنيفة فلا تكون إلا إذا وجدت جثة القتيل فى محلة وكان القاتل مجهولاً، وهى ليست دليلاً على القتل وإنما هى دليل نفى لأهل المحلة التى وجد فيها القتيل، فهم يحلفون بالله ما قتلوه ليدرءوا عن أنفسهم القصاص، وتجب عليهم الدية فى الوقت ذاته لوجود القتيل بين أظهرهم.
والقسامة عند ابن حزم تجب متى وجد قتيل لا يعرف من قتله أينما وجد فادعى ولاة الدم على رجل وحلف منهم خمسون رجلاً خمسين يمينًا، فإن هم حلفوا على العمد فالقود، وإن حلفوا على الخطأ فالدية، وليس يحلف عنده أقل من خمسين رجلاً (١) .
فالقسامة عند ابن حزم تجمع بين مذهب أبى حنيفة ومذهب مالك والشافعى وأحمد، فيأخذ من مذهب أبى حنيفة سبب وجوب القسامة، ويأخذ من مذهب الأئمة الثلاثة كيفية القسامة.
٤٦١- والقسامة عند أبى حنيفة أشبه ما تكون بما تفعله جيوش الاحتلال فى البلاد المحتلة فى عصرنا الحاضر فى حالة الاعتداء على رجال الجيش المحتل وفى حالة الثورات إذ تفرض غرامة على كل قرية قتل فيها جندى لم يعلن قاتله أو ارتكبت فيها جريمة هامة لم يعلم مرتكبها، وتحصل الغرامة من جميع سكان القرية على السواء.
والواقع أن القسامة عند أبى حنيفة تعتبر بحق وسيلة طيبة لإظهار الفاعلين فى حوادث القتل؛ لأن أهل القرية إذا علموا أنهم سيلزمون دية القتيل الذى لا يظهر قاتله اجتهدوا فى منع المشبوهين من الإقامة بين ظهرانيهم وأخذوا على أيدى سفهائهم ومجرميهم، كما أن كل من كان لديه معلومات عن القتل سابقة أو